اسم الله: الولي

نحمد الله من أعماق أعماقنا على أنه الولي.

ويعني اسم الولي معنَيَيْن: معنى أنه وليٌ يُعبد ويُطاع، ومعنى أنه وليٌ يُدبِّر ويُعين.

فالولاية من العبد الطاعة والعبادة، والولاية من الرب الإعانةِ والإفادة!

ثم إن ولاية الرب سبحانه لعباده ولاية عامة وخاصة، فالولاية العامة تعم جميع الخلق، فهو المدبر لمعاشهم، والمعين لهم على ضوائق الحياة واحتياجاتها.

والولاية الخاصة تخص عباده المؤمنين، فهو وليّهُم بنصره، وبهدايته، وبفضله وألطافه.

يقول الشيخ السعدي: «فالله هو الولي الذي يتولاه عبده بعبادته وطاعته، والتقرب إليه بما أمكن من أنواع التقربات، ويتولى عباده عموما بتدبيره، ونفوذ القدر فيهم، ويتولى عباده المؤمنين خصوصا، بإخراجهم من الظلمات إلى النور، وتربيتهم بلطفه، وإعانتهم في جميع أمورهم».

 

هَبَاءَة.

كيف كنا سنعيش ونحن الضعفاء في عالم تحاصرنا فيه متطلبات فوق قدراتنا؟ وواجبات أضخم مما نستطيع أن نعمل، وتحديات تتجاوز استطاعتنا على مواجهتها؟

الإنسان هباءة في كون فسيح، إذا لم يأته مدد الإعانة والتوفيق والتيسير من الله، ضاع.

ولما علم الله ضعفنا وقلة حيلتنا شرع لنا أن نستعين به، بل إن أعظم مراقي العبودية تتجلّى عند أدنى درجات الحاجة إلى عونه!

لذلك فقد قرن الله بين العبادة من العبد والعون من الرب، في آية هي من أعظم ما أنزله في كتابه، الآية التي تضمنت سر القرآن كاملا كما يقول بعض العلماء وأعني قول الحق تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [ سورة الفاتحة: 5]،

فلا يستطيع العبد أن يكون عبدا إذا لم يعنه الله. ولا يكون عبدا إذا لم يطلب العون من الله. ولا يكون عبدا ما لم يشعر بضرورة أن يعينه الله.

والولاية تكون بين الإنسان والإنسان على شكل صداقة أو إعانة ونصرة، ولكنها فيما بين الإنسان والرب تكون على هيئة العبادة من المخلوق، والإعانة والتدبير واللطف من الرب سبحانه.. لذلك قال الحق تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: 9]

 

بدء المعركة

ومن جلالة هذا الاسم أنه يشير إلى ولايته سبحانه لبعض خلقه، وحبه لهم، وحمايته ودفاعه عنهم.. فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب»

الله الذي على عرشه استوى، يعلنها حربا طاحنة، يطحن بها سعادة أولئك الذين يتعرضون لأوليائه بالأذى! إنه وليهم، ولا يترك الولي وليه، بل يحوطه بحبه وعنايته، ويصنعه على عينه،

ويصطنعه لنفسه!

إنها المعركة الأكثر رهبة في تاريخ الحروب، عندما يكون الله بعظمته وكبريائه وجلاله وجبروته في الجهة المقابلة لك!

يحاربك بقدرته التي ليس لها حد.

ستتدمر ولا شك.

وستُهزم،

 وستنتهي نهاية مأساوية!

 

 


لأنك الله - الجزء الثاني
لأنك الله - الجزء الثاني
علي بن جابر الفيفي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00