• هل دار بخلدك أن الموت هو موت من تجليات صفة الرحمة لدى الرب سبحانه؟ وأن الحياة لولا الموت ستغدو شيئًا لا يطاق؟

تخيل أنك تعود من العمل لتجد في بيتك خمسين طاعنًا في السن هم أجدادك وجداتك الأحياء منذ ألف سنة! والذين يجب عليك أن تعولهم؟ ستصبح أنت المسؤول عن دار عجزة مكتظ بأجدادك الذين يجب عليك وجوبًا عينيًا أن تبرهم، وتخفف عنهم أتعاب مئات السنين وأتعاب السنوات العجاف!

سيغدو العالم فظيعًا لو لم يكن هناك شيء اسمه الموت! فسبحان من رحمته فيما نكره قد تكون أعظم وأظهر من رحمته فيما نحب!

 

  •  جاء رجل إلى الإمام مالك وقد علاه الهم، فقد قال قولًا ظنه ألجأه إلى أن يفارق زوجته، فقال له: يا إمام قلت لزوجتي: إن لم تكوني أجمل من القمر فأنت طالق! فقال الإمام: زوجتك لم تطلق فقال الرجل: كيف والقمر أجمل منها؟ قال الإمام مالك: بل هي أجمل! ألم تقرأ قول الله تعالى في كتابه: }لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم{(التين:4).،

 

  • من أسمائه سبحانه الوهاب، وهو اسم كرم وجود وغنى! وصيغة فعّال تعني المبالغة، فليس سبحانه واهبًا بل وهّابًا: كثير ما يهب ويعطي ويجود، لذلك سمى نفسه بالوهاب.

فيعطي من لا يسأله ومن لا يسأله! ويعطي من يحتاج ومن لا يحتاج! ويعطي من يعبده ومن لا يعبده!،

 

  • افترض أن شخصًا لديه ملك قارون، ولكنه أعمى، وأرادك أن تعطيه بصرك، فكم ستطلبه؟ دعني أختصر لك: لن تتنازل عن بصرك بأموال قارون كلها!! هذه إحدى النعم التي نادرًا ما تشعر بها، فكيفك لو حاولت إحصاء بقية النعم؟ لقد أعطاك في جسدك المليارات من النعم، بل أكثر من ذلك، لماذا؟ لأنه الوهاب، يهب دون أن يُطلب، والسؤال: ما دامت هذه عطاءاته قبل السؤال، فكيف ستكون عطاءاته بعد السؤال؟،

 

  • قال أينشتاين في لحظة تجلّ: إن خلف ما نعرفه ونحس به يوجد شيء لا يمكننا إدراكه، وهذا الشيء يمسنا بجماله وسموه بطريقة غير مباشرة.

تُرى ما هو ذلك الشيء الذي يشعر به أينشتاين في أعماقه ثم لا يمكنه التعبير عنه؟،

 

  • قال فضيل بن عياض لرجل: لأعلمنك كلمة هي خير من الدنيا وما فيها: والله لئن علم الله منك إخراج الآدميين من قلبك حتى لا يكون في قلبك مكان لغيره، لم تسأله شيئًا إلا أعطاك.،

 

  • أفصح أو لا تفصح! فليس ما تفصحه إلا جزءًا يسيرًا مما تنطوي عليه نفسك، إن نفسك لتقف بكليتها أمام علمه مكشوفة مفضوحة. قال تعالى: (وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) طه:7.

السر نعلمه ولكن ما هو الأخفى من السر؟ إنه كما يقول المفسرون: الوساوس! تلك التي لم تبلغ حد الفكرة! ومضات خافتة لا تكاد تظهر!،

 

  • كان ابن تيمية تُعوص عليه بعض المعاني القرآنية، فيقرأ في بعضها مئة تفسير، فلا يهتدي للصواب، فيخرج للبرية ويرخ وجهه في التراب ويبتهل: يا معلم داوود علمني، ويا مفهم سليمان فهمني... فتنهال عليه فتوح العارفين، ويهتدي للقول الحق،،

 


لأنك الله - الجزء الثاني
لأنك الله - الجزء الثاني
علي بن جابر الفيفي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00