اسم الله: القدير

قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ [هود: 107].

هكذا قال الله تعالى عن نفسه، فكل ما يريده هو إرادة كونية. لأنه يفعل كل ما يريد، لا رادٍّ لمشيئته، ولا مُعَقِّب لِحُكمِه.

ما أعظم هذه العقيدة التي تجعل رأس المؤمن بها شامخا، فربه قدير، فعال لما يريد، فليس بينه وبين أن تتحقق أمامه المعجزات سوى أن يريد الله أن تكون، فيطرق باب هذه الإرادة بالدعاء والابتهال والتضرع، ثم ينتقل من عبادة الدعاء إلى عبادة انتظار الفرج.

تَأَمَّلْ فِي نَبَاتِ الأَرْضِ وَانْظُرْ.................. إِلَى آثَارِ مَا صَنَعَ المَلِيكُ

عُيُونٌ مِنْ لُجَيْنٍ شَاخِصَاتٌ................ بِأَبْصَارٍ هِيَ الذَّهَبُ السَّبِيكُ

عَلَى قُضُبِ الزُّبَرْجَدِ شَاهِدَاتٌ............. بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ شَرِيكُ.

 وهذه الأبيات العظيمة لأبي نوّاس، شاعر المجون كما يقال! ولها قصة تروى، يقال: إنه كتبها قبيل موته، ووضعها تحت وسادته، فرآه أحدهم بعد موته في المنام وسأله ما صنع الله بك؟ فقال له: غفر لي! فاستعجب صاحب الرؤيا لمعرفته بسيرة أبي نوّاس الماجنة، فسأله: بماذا غفر لك؟ فقال: بأبيات كتبتها ووضعتها تحت وسادتي!

فذهب صاحب هذه الرؤيا لبيتِ أبي نوّاس، ووجد هذه الأبيات، وعلمُ ذلك عند الله، ولكن الله غفورٌ لا تستغرب منه المغفرة، ورحيمٌ لا تستبعد منه المعذرة!

 

أرض المدهشات.

إن شفاء المريض، أو معافاة المبتلى، أو كشف كربة المحزون.. من أهون ما قد تمسه قدرة الله سبحانه، وأيسر ما يمكن لقدرة الملك سبحانه أن ترفعه وتجعله كأن لم يكن!

فعندما استبعد زكريا عليه السلام أن يُرزَق بولدٍ وقد بلَغَ من الكِبَرِ ما بلغ، وامرأته فوق ذلك عاقر! وهذا في معهودات الأمور، وطبائع الأحوال من أغرب ما يكون، فقال القدير سبحانه: ﴿قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ [مريم: 9]

وتقديم الجَارّ والمَجرور في كَلِمَة عَلَيَّ، على كلمة هيّن، يشي بأن ذلك من العسير والصعب بل والمستحيل على غير الله تعالى.

ولكنه عليهِ هيّن.

 

وانشقّ القمر.

قال تعالىى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [ القمر: 1] ، تُذَكِّرُنا هذه الآية بشيء من قدرة الله الذي لا يُعْجِزَهُ شيء في الأرض ولا في السماء.

تُذَكِّرُنا هذه الآية بشيء من قدرة الله الذي لا يُعْجِزَهُ شيء في الأرض ولا في السماء.

فقد اجتمع كفار قريش ذات يوم عند النبي صلى الله عليه وسلم، ليطرحوا عليه عرضًا جديدًا، واقتراحا عجيبا!

مسكينةٌ عقولهم، فقد ظنت أنها ابتكرت طلبا يُعْجِزُ رب محمد جل وعلا، فأتَوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا له: "إنْ شَقّ ربك القمر، آمَنَّا به!"

لقد وصلت عقولهم إلى الغاية في البعد، وأتوا بما يصعب غاية الصعوبة أن تتخيله أو تتوقعه العقول البشرية، وهي انشقاق هذا الجُرم الهائل انشقاقا يُبْصَر من على الأرض.

فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أَشِرْ إلى القمر ليروا بأعينهم قدرة القدير، وعظمة العظيم، وجبروت الجبار، فسألهم: إذا شققتُ لكم القمر، هل تؤمنون بي؟ فقالوا: نعم.

فأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده، فإذا بهم يبصرون القمر وهو ينشق، ويغدو نصفين.

مسكينٌ أنت أيها الإنسان إذا ما تحديت قدرة المَلِكُ سبحانه وتعالى.


لأنك الله - الجزء الثاني
لأنك الله - الجزء الثاني
علي بن جابر الفيفي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00