نبي الله لوط هو ابن أخي إبراهيم الخليل، هاران بن تارخ، فالثلاثة إبراهيم وهاران وناحور كانوا إخوة. ونزل لوط بمدينة سدوم بأمر عمه إبراهيم، وكان أهلها من أفجر الناس، وكانوا قد ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكران من العالمين، وترك ما خلق الله من النساء، فدعاهم لوط إلى عبادة الله وحده، ونهاهم عن تعاطي المحرمات والفواحش، لكنهم استمروا في ضلالهم وطغيانهم، ولم يؤمن منهم رجل واحد. قال الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿۞فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [النمل: 56]، أي أخرجوا لوطا وأهله من القرية لأنهم يتطهرون، وهو الشيء الذي يدل على غياب المنطق لديهم، فقد جعلوا المدح وهو الطهارة، ذما يقتضي أن يطردوا به من فعله منهم.
أقبلت الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل على أرض سدوم، في صورة شبان حسان، اختبارا من الله لقوم لوط ولإقامة الحجة عليهم، فاستضافهم لوط ولم يكن يعلم أنهم ملائكة. فخرجت امرأة لوط وأخبرت أهل قريتها بأن زوجها يستضيف في بيته رجالا لم تر مثل وجوههم قط، فجاء قومها يهرعون إليه. وحينها عرض عليهم لوط بناته، ولكنهم رفضوا، وقالوا له أنت تعلم ما نريد.
وذكر المفسرون أن نبي الله لوطا ظل يمانع دخول قومه من وراء الباب المغلق، وهم يحاولون فتحه بالقوة. قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ [القمر: 37]، وقيل في ذلك إن جبريل عليه السلام خرج عليهم، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم، حتى قيل إنها غارت بالكلية ولم يبق لها أثر. فرجعوا يتحسسون الحيطان ويتوعدون رسول الرحمن، ويقولون: إذا كان الغد كان لنا وله شأن.
فأمرت الملائكة لوطا بأن يسري هو وأهله من آخر الليل، وألا يلتفت منهم أحد حينما يسمع صوت العذاب الذي سوف يحل بقومه، إلا امرأته. ويقال إنها خرجت معه والتفتت وراء ظهرها فأصابها العذاب، ويقال إنها لم تذهب معه، وإنما كانت ابنتاه فقط من ذهبتا معه. يقول تعالى في وصفه لعذاب قوم لوط: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ﴾ [هود: 82]، فقيل إن جبريل اقتلع سبع مدن بطرف جناحه بمن فيهن من الأمم وما معهم من الحيوانات، فرفع الجميع حتى بلغ بهم عنان السماء، ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها.