يونس عليه السلام

بعث الله يونس إلى أهل نينوى من أرض الموصل، فدعاهم إلى عبادة الله عز وجل، فكذبوه واستمروا على كفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك عليه من أمرهم، خرج يونس من بينهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث، ولكنهم حينما تحققوا من نزول العذاب بهم، قذف الله في قلوبهم التوبة، وندموا على ما فعلوا، وتضرعوا إلى الله جميعا كي يغفر لهم، فكشف الله بحوله وقوته عنهم العذاب الذي كان سيقع بهم. قال تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس: 98].

ولكن كان ذلك بعد أن خرج يونس عليه السلام من قريته غاضبًا على أهلها لكفرهم بالله، وقيل أنّه لم يصبر على أذاهم وقد كان الله أمره بملازمتهم والدعاء لهم، فكان ذنبه خروجه من بينهم من غير إذن من الله.

فلما خرج يونس مغاضبا قومه، ركب سفينة في البحر، فثقلت بما فيها وكادت أن تغرق، فتشاور أصحابها وانتهوا إلى أن يقترعوا، فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليتخففوا منه. فوقعت القرعة على يونس ثلاث مرات، وألقي في البحر فالتقمه حوت عظيم أمره الله تعالى ألا يأكل ليونس لحما ولا يهشم له عظما. فلما استقر في بطن الحوت خر لله ساجدا وقال: "يا رب اتخذت لك مسجدا لم يعبدك أحد في مثله". واختلف المفسرون حول المدة التي قضاها يونس في بطن الحوت؛ فمنهم من قال بأنها ثلاثة أيام، ومنهم من قال بأنها سبعة أيام، ومنهم من قال بأنها أربعون يوما. قال تعالى: (فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: 87].

واستجاب الله لعبده ونبيه يونس، فأمر الحوت بأن يطرحه بالعراء، وأنبت عليه اليقطين أو القرع ليأكل منه. قال تعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء: 88].

فكانت دعوة يونس هذه، هي اسم الله الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي حينما سئل إذا كانت هذه الدعوة ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين، أجاب بأنها ليونس خاصة وللمؤمنين عامة.


قصص الأنبياء - الجزء الأول
قصص الأنبياء - الجزء الأول
أبي الفداء إسماعيل بن كثير
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00