أيوب عليه السلام

ولد أيوب من سلالة العيص بن إسحاق، وكان رجلا يمتلك أموالا كثيرة، بخلاف المواشي والعبيد، والأراضي المتسعة من أرض حوران، وكان له أولاد وعائلة كبيرة، إلا أنه انتزع منه ذلك كله، وأصيب بدنه بأنواع عديدة من البلاء، فلم يبق فيه من عضو سليم سوى قلبه ولسانه. واستمر مرض أيوب فترة طويلة حتى طرد من بلاده، وانقطع عنه الناس، ولم يبق أحد يعتني به سوى زوجته، التي كانت ترعى حقه، وتخدم الناس بالأجر لإطعامه.

ولكن اضطر أيوب لأن يدعو ربه حينما علم أن امرأته قد باعت ضفيرتيها من أجل الطعام، فحينها دعا الله قائلا كما قال عز وجل: ﴿۞ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأنبياء: 83].

وعن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: "كان لأيوب أخوان، فجاءا يوما فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه، فقاما من بعيد، قال أحدهما لصاحبه: "لو كان الله علم من أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا". فجزع أيوب من قولهما جزعا لم يجزع مثله من شيء قط، فقال: "اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعان وأنا أعلم مكان جائع فصدقني". فصدق من السماء وهما يسمعان. ثم قال: "اللهم إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط وأنا أعلم مكان عار فصدقني". فصدق من السماء وهما يسمعان. ثم قال: "اللهم بعزتك" وخر ساجدا، فقال: "اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبدا حتى تكشف عني"، فما رفع رأسه حتى كُشف عنه". 

ورد الله على أيوب ماله وولده بأعيانهم، مثلما رد عليه جسده، حتى صب له من المال صبا، مطرا عظيما وجرادا من ذهب. وقد قال تعالى عن صبر أيوب: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: 44].

 

 


قصص الأنبياء - الجزء الأول
قصص الأنبياء - الجزء الأول
أبي الفداء إسماعيل بن كثير
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00