عمليَّة حيرام:
لأوَّل مرَّة منذ بدء التطهير العِرقيّ، تحوَّلت القرى الفلسطينيَّة إلى معاقل وقفت ضدّ القوَّات الإسرائيليّة في بداية أكتوبر عام ألفٍ وتِسعمئةٍ وثمانيةٍ وأربعين ميلاديًّا (١٩٤٨م)، ودافع لاجئون من صفوريّة عن قرية رميش ودير القاسي بقيادة رجل من جيش الإنقاذ يدعى أبو حمود، ومن بينهم أبو إبراهيم الذي دافع عن كفر مندا، والضبَّاط العراقيُّون الذين ساعدوا في وادي عارة، وأبطال آخرون فعلوا كلّ ما بوسعهم لمنع حدوث التطهير العِرقيّ. ولكن مع القصف الجويّ والبريّ العنيف، احتُلَّت معظم قرى الجليل الأعلى في يوم واحد بنهاية أكتوبر: دير حنا، وعيلبون، وعرابة، وإقرت، والفرّاضية، ومعليا، وخربة عربين، وكفر عنان، وتربيخا، وترشيحا، وميرون، والصفصاف، وسعسع، والجش، وفسوطة، وقديتا وعشر قرى أخرى.
سياسة إسرائيل المعارضة لعودة اللاجئين إلى ديارهم:
طبَّقت إسرائيل هذه السياسة في مستويين: مستوًى قوميّ دشّنه قرار الحكومة الإسرائيليّة بتدمير جميع القرى وتحويلها لمستعمرات يهوديَّة أو غابات طبيعيَّة، ومستوًى دبلوماسيّ انصبّت جهوده على تفادي الضغط الدوليّ المتنامي عليها للسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيِّين لأرضهم مجدَّدًا بقيادة لجنة التوفيق الخاصَّة بفلسطين والتابعة للأمم المتَّحدة، والتي تألَّفت من ثلاثة أعضاء فقط من فرنسا وتركيا وأمريكا داعيةً إلى عودة غير مشروطة للاجئين إلى ديارهم، وتمَّ تبنِّي قرار اللجنة في الحادي عشر من ديسمبر عام ألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعةٍ وأربعين ميلاديًّا (١٩٤٩م) برقم مئةٍ وأربعةٍ وتسعين (١٩٤) لمنح اللاجئين حقَّ الاختيار بين العودة غير المشروطة أو قبول تعويض. ولكنَّ إسرائيلَ قامت بمحاولة منع العودة عن طريق ضبط التوزُّع الديموغرافيّ للفلسطينيِّين.
التطهير النهائيُّ للجنوب والشرق:
احتُلَّت المدينتان الساحليَّتان الجنوبيَّتان؛ إسدود والمجدل في نوڤمبر عام ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثمانيةٍ وأربعين ميلاديًّا (١٩٤٨م)، وطُرد سكَّانُهما إلى قطاع غزَّة، كما طردوا القوَّات المصريَّة المتبقِّية خارج الحدود وواصلوا التقدّم جنوبًا حتَّى وصلوا إلى قرية الصيَّادين بالقرب من البحر الأحمر وتدعى أمَّ رشرش، والتي هي مدينة إيلات اليوم، في مارس عام ألفٍ وتِسعِمِئةٍ وتسعةٍ وأربعين ميلاديًّا (١٩٤٩م).