قرَّر العرب التدخّل، فقامت مصر بإرسال قوَّة مكونة من عشرة آلاف جنديٍّ (١٠٠٠٠) من الإخوان المسلمين المتطوِّعين إلى فلسطين قبل يومين من نهاية الانتداب، ولكنّهم رَغم حماسهم لم يكونوا مُدرَّبين على القتال، على عكس القوَّات السوريَّة، ولكنّ أداءَ قوَّاتها كان سيِّئًا بسبب استقلال سوريا القريب من الاحتلال الفرنسيّ، وهذا جعل الهيئة الاستشاريَّة تبحث في توسيع حدود الدولة اليهوديَّة في الجهة الشماليَّة الشرقيَّة إلى داخل سوريا بحيث تشمل مرتفعات الجولان. وكانت القوَّات اللبنانيَّة تحارب في القرى المجاورة للبنان، بينما القوَّات العراقيَّة أُمِرت بالدفاع عن المنطقة المخصَّصة للملك عبد الله في الضفَّة الغربيَّة فقط دون مهاجمة الدولة اليهوديَّة، ولكنَّهم تحدَّوا الأوامر واستطاعوا مساعدة خمس عشرة قرية (15) في وادي عارة للصمود والنجاة.
أيَّام التطهير (طيهور):
لم يعد أعضاء الهيئة الاستشاريَّة مشغولين بخطَّة الطرد بعد أن أصبحت الدولة اليهوديَّة واقعًا على الأرض؛ لها حكومة، ومجلس وزاريٌّ، وقيادةٌ عسكريَّة، وأجهزة سرِّيَّة..إلخ. وتركَّز اهتمامها على تكوين قوَّات كافية لتحمّل الحرب ضدّ الجيوش العربيَّة وضدّ مليونِ فلسطينيٍّ قد أصبحوا مواطنين إسرائيليِّين بموجب القانون الدوليّ في الخامس عشر من مايو (15)، ولكن بحلول نهاية مايو، كانت هذه المخاوفُ كلُّها قد تبدَّدت لديهم.
المجزرة في الطنطورة:
الطنطورة هي قرية فلسطينيَّة قديمة على ساحل البحر المتوسِّط، يقطن فيها نحو ألفٍ وخَمسمئةِ نسمة (١٥٠٠) يعتمدون على الزراعة، جرى تطهيرها على يد لواء ألكسندروني بمهاجمة القرية ليلًا في ٢٢ مايو من أربع جهات، وقاموا بإعدام بعض الرجال فيها وفقًا لقوائم القرى المعدَّة سابقًا والشاملة لكلِّ مَن شارك في ثورة عامِ ألفٍ وتِسعِمِئةٍ وستَّةٍ وثلاثين ميلاديًّا (١٩٣٦م) أو في أي هجمات على وسائط النقل اليهوديَّة، أو من لديه اتِّصال بالمفتي. ولكنَّ بعض الجنود اليهود وصفوا هذه الحادثة بأنَّها أشدُّ المعارك التي خاضها الجيش الإسرائيليّ خِزيًا بسبب تعرُّضِهم للهجوم من قِبَل قنَّاص في القرية جعلهم يركضون كالمجانين في الشوارع مطلقين النار على كلِّ مَن صادفوه.
حملاتٌ انتقاميَّة:
تُرِكت المستعمرات المعزولة في الجنوب مكشوفة أمام القوَّات المصريَّة التي احتلَّت عددًا منها، كما احتلَّت القوَّات السوريَّة ثلاث مستعمراتٍ لبضعة أيَّام، ولكنَّ ذلك لمْ يدم مع تسلُّم الجيش الإسرائيليّ لشحنات من الأسلحة الضخمة لمجابهة الاتِّحاد العربيّ.