عملية نَحْشون: أوَّل عمليَّة في خطَّة دالِتْ:
اختيرت الهضاب الريفيَّة الواقعة على المنحدرات الغربيَّة لجبال القدس في منتصف الطريق المفضي إلى تل أبيب كأوَّل منطقة لتطبيق الخطَّة دالِتْ بتنفيذ عمليَّة نَحْشون بالطرد الجماعيّ المفاجئ للمحافظة على المستعمرات المعزولة. فسقطت أوَّل قرية "القسطل" (القلعة) في التاسع من نيسان/أبريل (9) وقُتِل قائد جنودها "عبد القادر الحسينيّ" ممَّا أدَّى إلى تدهور معنويَّات الجنود في القرى الأخرى حتَّى سقطت بسرعة وطُرِد سكَّانها، بما فيها قرية "دير ياسين" الشهيرة والتي سقطت في اليوم نفسه.
تدمير المدن الفلسطينيَّة:
توجّهت أهداف الصهاينة بعد قرى عمليَّة نَحْشون إلى المناطق الحضريَّة، فبدأوا بقصفٍ يومي عنيف في طبريَّة التي سقطت في الثامنِ عشرَ من أبريل (18).
تطهير حيفا من العرب:
غادر الأغنياء والميسورون حيفا بعد القصف العنيف الذي استمرَّ شهرًا، رَغم أنَّها كانت من ضمن المناطق التي خصَّصتها الأمم المتَّحدة لليهود مثل طبريَّة، ولكنَّهم أرادوها دون الخمسة والسبعين ألفَ فلسطينيٍّ (٧٥٠٠٠) القاطنين فيها. بعدما انتظروا رحيل البريطانيِّين تمامًا عنها كمحطَّتهم الأخيرة لكونها كانت ميناءً ساحليًّا.
صفد التاليَّة:
بقيت مدن قليلة حرَّة في فلسطين بعد سقوط حيفا، بينها عكَّا والناصرة وصفد، حتَّى بدأت المعركة على صفد في منتصف أبريل وحتَّى الأوَّل من مايو، حيث كان عدد سكَّان صفد تسعةَ آلافٍ وخَمسِمِئةً (٩٥٠٠) عربيٍّ، وألفين وأربعَمِئةَ يهوديٍّ (٢٤٠٠) من المتديِّنين المتعصِّبين جدًّا غير المعنيِّين بالصهيونيّة أبدًا.
القدسُ مدينةُ أشباح:
قصفت القوَّات اليهوديَّة الأحياء العربيَّة الغربيَّة في القدس، ثمَّ هاجمتها واحتلَّتها في أبريل، رَغم وجود القوَّات البريطانيَّة في فلسطين حينها، ولكنَّها لمْ تتدخل، إلَّا في منطقة الشيخ جرّاح (أوَّل حيٍّ فلسطينيٍّ بُني خارج أسوار البلدة القديمة، يقيم بها عائلات عريقة مثل آل الحسينيّ والنشاشيبيّ والخالديّ)، حيث تدخَّل فيها قائدٌ بريطانيٌّ أنقذ الحيَّ من الهاغاناه.
عكَّا وبيسان:
احتُلَّت عكَّا إلى الساحل وبيسان في الشرق في السادس من مايو (6) عام ألفٍ وتِسعِمِئةٍ وثمانيةٍ وأربعينَ ميلاديًّا (١٩٤٨م)، رَغم صمود عكَّا على القصف اليوميّ، ولكنَّ مصدر مياهها المكشوف على بعد عشرة كيلومترات (10) إلى الشمال منها من ينابيع الكابري المسحوبة عبر قناة عمرها (مِئتَا) عام (200) كان السبب في سقوطها لليهود، بعد محاولتهم تسميم مصادر المياه بجراثيم التيفوئيد التي ساهمت في تفشِّي المرض واستسلام أهل عكَّا، كما قرَّرت لجنة بيسان المحليَّة مئةٌ واثنان (١٠٢) الاستسلامَ بعد القصف الجويِّ العنيف في الحادي عشَرَ من مايو (11).
خراب يافا:
كانت يافا آخر مدينة يجري احتلالها، وحدث ذلك في الثالث عشر من مايو (١٣) قبل يومين من انتهاء الانتداب.
نحو «الحرب الحقيقيَّة»:
أخبر الملك عبد الله محاوريه اليهود بأنَّ جامعة الدول العربيَّة قرَّرت إرسال جيوشٍ نظاميَّة إلى فلسطين بعد أحداث مارس وأبريل، ثمَّ أتت من واشنطن أخبار غير متوقَّعة عن أنَّ وزارة الخارجيَّة الأمريكيَّة تدفع في اتِّجاه مقاربة أمريكيَّة جديدة للمشكلة بوضع مسوَّدة اقتراح جديد للأمم المتَّحدة تقضي بوضع فلسطين تحت وصاية دوليَّة لخمسة أعوام يتفاوض خلالها الطرفان للتوصُّل إلى حلٍّ.