ويهدف القارئ فيها إلى إعمال الفكر في الآيات، ويجتهد في الوقوف على معرفة مراد الله من كلامه، قال تعالى: ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب﴾ [ص: 29]، وقد أخرج لنا هذا النوع المفسرين من الصحابة رضوان الله عليهم إلى المفسرين في عصرنا؛ لأن المفسرين لا بد لهم من التدبر والتأمل عند قراءة القرآن، والتدبر درجات بحسب مقصد القارئ، وكل قراءة للقرآن يكون فيها إعمال للفكر والتأمل فهي من هذا النوع.
إن الدعوة لقراءة القرآن بتدبر واقتصار على هذا النوع غير واقعي؛ لأن هناك من لا يملك أدوات والتدبر مثل الأعاجم والأطفال والعوام، وهؤلاء يمكن إرشادهم إلى فهم صريح الكلمات من الأمر بالصلاة والزكاة وغيرها، وهذا لا يعني التفريق تماما بين قراءة للثواب والختم، وأخرى للتدبر؛ لأنه من يكثر من القراءة المجردة سيدرك بالتكرار المعاني، والمتدبر سيجد نفسه مضطرا للتكرار ليزداد فهما، ولكن هذه الطريقة ستناسب الناطقين بالعربية من العوام فقط، ومع ذلك سيبقى كثير من الأمة ليس بمقدورهم إلا الاستكثار من قراءة الثواب والختم، فهو نوع مستقل بذاته.