قال النووي - رحمه الله تعالى: "محفوظ في الصدور، لا يتطرق إليه الذهاب بل بقي على الزمان"
وإنك لتعجب من مسلم أعجمي اللسان لا ينطق العربية ولا يفهمها، ولكنه يحفظ القرآن عن ظهر قلب وبإتقان. وما ذاك إلا أن الله قد يسره للمسلمين تيسيرا، وإلا لكان ذلك الحفظ من المستحيلات، قال تعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر﴾ [القمر: 17].
"وكان من أشرف ما توارثته الأمة الإسلامية جيلا بعد جيل ولا سيما في شهر رمضان الاهتمام بقراءة القرآن وحفظه وتجويده ومدارسته وتدريسه وتدبره وتفسيره، وباختلاف تلك الغايات تتنوع قراءة القرآن من مسلم لآخر حسب مستواه العلمي والثقافي وقدراته التعليمية وغايته ومقاصده من جلسة القراءة القرآنية".
"كان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وعن أبي حنيفة نحوه، وكان قتادة يدرس القرآن في رمضان".
"وقد ثبت أن رسول الله ﷺ قام ليلة بالبقرة والنساء وآل عمران، فكان لا يمر بآية تخويف إلا استعاذ أو استجار، ولا آية رحمة إلا سأل، ولا آية تسبيح - يعني آية تنزيه - إلا سبح، رواه مسلم عن حذيفة - رضي الله عنه -"
"في الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى: إنما بعثتك لأبتليك وابتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان".
ذكر في مناقب الشيخ/ حمد بن فارس بن رميح أحد علماء نجد أنه كان يجلس في مصلاه لصلاة الجمعة فجرا يتلو القرآن، فإذا خرج الإمام على الناس، إذا به قد ختم القرآن".
"سئل علي رضي الله عنه عن الترتيل فقال : إخراج الحروف، ومعرفة الوقوف".
"وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أسيد بن حضير رضي الله عنه وكان حسن الصوت بالقرآن، بينما هو ليلة يقرأ في مربده، إذ جالت فرسه، فقرأ، ثم جالت أخرى، فقرأ، ثم جالت أيضا، قال أسيد: فخشيت أن تطأ يحيى، فقمت إليها، فإذا مثل الظلة فوق رأسي فيها أمثال السرج، عرجت في الجو حتى ما أراها، قال: فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم".
"وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يسمعون ويبكون، وكان أصحاب النبي ﷺ عموما إذا اجتمعوا أمروا واحدا منهم أن يقرأ القرآن والبقية يستمعون".
" عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة، وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة".
"ومما يحفظه التاريخ لنا أن بعض حكام الدول التي حكمت المغرب العربي وشمال أفريقيا، كانوا يلزمون أفراد الشعب من المسلمين كافة بأمر السلطان بقراءة حزب أو جزء يوميا بعد صلاة المغرب، وما زالت هذه عادة كثير من أهل المغرب في شمال أفريقيا إلى يومنا هذا".
"وقد ذكر لي أن بعض المستشفيات في الغرب يستعملون بث قراءة القرآن في أروقة المستشفيات لما يجدونه من تأثير عجيب لها في العلاج والاستشفاء، ولا سيما في المستشفيات النفسية".
" إن قراءة التدبر والتأمل هي سلوك يقتدي به العوام والصغار بالعلماء والأئمة والحفاظ الربانيين كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن خلق رسول الله ﷺ قال: (كان خلقه القرآن يغضب لغضبه ويرضى لرضاه).