يقول لاعب كرة السلة مايكل جوردان:
"إنني أخطئ دائما، في كل شيء، مرة بعد مرة بعد مرة. وهذا سبب تحسن حياتي وتطورها".
إن النمو عملية ترابطية متكررة لا نهاية لها، نحن لا ننتقل من خطأٍ إلى صواب عندما نتعلم شيئا جديدا؛ بل إننا ننتقل من خطأٍ إلى خطأٍ أقل، وعندما نتعلم شيئا إضافيا بعد ذلك، فإننا ننتقل من "خطأ أقل" إلى "خطأ أقل من الخطأ الأقل السابق"، وهكذا.
نحن في عملية اقتراب دائمٍ من الحقيقة ومن الكمال، من غير أن نصل أبدا إلى تلك الحقيقة أو إلى ذلك الكمال.
وهنالك أشخاص كثيرون لديهم هاجس أن يكونوا "على صواب" في حياتهم، إلى حد يجعلهم لا يعيشون تلك الحياة أبدا.
علينا أن نكون في حالة شك وبحث دائمين، شكٍ في معتقداتنا، وشكٍ في أحاسيسنا، وشكٍ فيما قد يحمله المستقبل لنا إذا لم نتحرك ونخلقُ ذلك المستقبل لأنفسنا. وبدلا من السعي إلى أن نكون على صواب طوال الوقت، يتعين علينا أن نبحث عن كيف نحن مخطئون. هذا لأننا مخطئون دائما!
وتذكر أن نكون مخطئين، هو ما يجعلنا منفتحين على إمكانية التغيير، وهو ما يأتينا بفرصة للنمو والتطور.
هل لعبت لعبة التليفون عندما كنت طفلا؟
تلك اللعبة التي تهمس فيها بشيء ما في أذن أحدهم، ثم ينتقل ذلك الشيء الذي قلته عبر عشرة
أشخاص بالطريقة نفسها، فيكون ما يسمعه آخر واحد منهم مختلفا كل الاختلاف عما قلته في البداية.
هكذا تعمل ذاكرتنا.
في بعض الأحيان، تعمد أدمغتنا إلى اختلاق ذكريات زائفة، وقد يدفع اللاوعي في عقول بعض الناس إلى شيء من التلفيق في ذكرياتهم، وذلك لكي يتمكنوا من تفسير معاناتهم الحالية على نحو يسمح لهم بأن يكونوا ضحايا، وحتى يتجنبوا تحمل المسؤولية.
هذه الحالة تُسمى متلازمة الذاكرة الزائفة، وهي حالة معروفة وشائعة.
ويبقى الدرس الأليم الذي تعلمناه الآن، هو أنّ ذكرياتنا غير موثوق فيها إلى حد مخيف.
تقول البوذية إن فكرتك عمن "أنت" ليست أكثر من إنشاءٍ عقلي اعتباطي، وإن عليك أن تتخلى عن فكرة أنك موجودٌ أصلا.
وذلك لأن المقاييس العشوائية الاعتباطية التي تُعَرّفُ بها نفسك، تجعلك كأنك عالق في فخ. وهذا يعني أن من الأفضل لك أن تتخلى عن ذلك كله.
عندما نتخلى عن القصص التي نحكيها عن أنفسنا أمام أنفسنا، فإننا نتحرر حتى نصير قادرين على الفعل (وعلى الفشل أيضا)، وقادرين على النمو والتطور أيضا.
فعندما يعترف أحدُ وكلاء التأمين لنفسه فيقول: "الحقيقة أنه قد لا يكون هنالك أي شيء خاص أو فريد في أحلامي المتعلقة بعملي"، فإنه يجعل نفسه متحررا، وقادرا على التخلي عن ذلك العمل والمضي في حياته ورؤية ما يحدث بعد ذلك.
فقط عليك تعريف نفسك بأكثر الطرق عادية، بل بأبسط طريقة ممكنة، ولكن اختر ألا تقيس نفسك باعتبارك ضحية مسكينة أو فاشلا تعيسا.
إن وضع أنفسنا موضع التساؤل، وشكّنا في أفكارنا ومعتقداتنا مهارة من أصعب المهارات تطويرا، لكنها مهمة قابلة للإنجاز.
فيما يلي بعض الأسئلة التي ستساعدك في توليد مزيد من عدم التأكد في حياتك.
السؤال الأول: ماذا لو كنتُ مخطئًا؟
السؤال الثاني: إذا كنتُ مخطئًا، فما معنى هذا؟
السؤال الثالث: هل يؤدي كوني مخطئًا إلى خلق مشكلة أفضل لي وللآخرين أم مشكلة أسوأ منها؟
هذا هو الاختبار الكاشف الذي يجعلنا نعرف إن كانت لدينا قيم صَلبة مستقرة، أو أننا أشخاصٌ فاشلون نضايق الجميع، بما في ذلك أنفسنا.
الهدف هنا هو النظر لمعرفة المشكلة الأفضل التي يجب علينا حلها، وذلك لأن مشكلات الحياة لا نهاية لها، كما قال دب الباندا الذي تعرفنا عليه سابقًا.