يقول الإمام الجَوزِيِّ:
" خلق اللَّهُ آدمَ عَلَيْهِ السلامُ وهداهُ إلى أن يُعلّمَ الناسَ عَن وحيِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، فكان النّاسُ على الصوابِ إِلى أنِ انفردَ قابيلُ بِهواه فقتل أخاه، ثم تشعّبتِ الأهواءُ بالناسِ فَضَلُّوا، فعَبدوا الأصنامَ، واختلفوا فِي العقائدِ والأفعالِ اختلافًا خالفوا فيه الرُسلَ والعقولَ، اتِّباعًا لأهوائهم وميلًا إِلى عاداتِهم، فصَدّقَ عليهم إبليسُ ظنَّه فاتبعوه إلا فريقًا من المؤمنين.
وقد وضعتُ هذا الكتابَ مُحذّرًا من فتنةٍ ومُخوّفًا من محنةٍ، وكاشفًا عن مستورِ الشيطانِ في مكائدِه، دالًّا على مصائدِه، حتى يتبيّنَ للفَطِنِ أن يفهمَ تَدْليسَه، واللهُ مُوفِّقي فيما قصدتُ، ومُلهِمي للصوابِ فيما أردتُ".
من أحاديثِ الرسول:
قال رسولُ اللهِ: "مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بَحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ"، وكلمةُ بحبوحةَ هنا تعني وَسَطَ المكانِ. وقال أيضًا: "يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ فَإِذَا شَذَّ الشَّاذُّ مِنْهُمُ اخْتَطَفَتْهُ الشَّيَاطِينُ كَمَا يَخْتَطِفُ الذِّئْبُ الشَّاةَ مِنَ الْغَنَمِ".
وعن أبي ذرٍّ قال رسولُ اللهِ: "اثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ وَثَلاثَةٌ خَيْرٌ مِن اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ ثَلاثَةٍ فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لَمْ يَجْمَعْ أُمَّتِي إِلا عَلَى الْهُدَى".
وقال أيضًا: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي كَمَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلانِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ، وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفَرَّقَتْ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلا مِلَّةً وَاحِدَةً. قَالُوا مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي"
من أقوالِ الصحابةِ والتابعين والعلماءِ:
قَالَ الأوزاعيُّ: "اصبرْ نفسَك عَلَى السُنّةِ، وقِفْ حيثُ وقف القومُ، وقُلْ بما قالوا، وكُفَّ عما كفُّوا عنه، واسلُكْ سبيلَ سلفِك الصالحِ فإنه يَسعُك ما وَسِعهُم".
وقال سفيانُ الثوريُّ: "استوصوا بأهلِ السُنّةِ خيرًا فإنّهم غُرباءُ".
قال الجُنيدُ بنُ محمدٍ: "الطرقُ كلُّها مسدودةٌ على الخلقِ، إلا منِ اقتفى أثرَ الرسولِ، واتّبعَ سُنّتَه ولزِم طريقتَه، فَإِنّ طرُقَ الخيراتِ كلَّها مفتوحةٌ عَلَيْهِ."