المبحثُ السادسُ والعشرون: زيارةُ مسجدِ رسولِ اللهِ ﷺ

تُستحبُّ زيارةُ مسجدِ النبيِّ ﷺ، وهي مشروعةٌ في أيِّ وقتٍ، وفي أيِّ زمانٍ، وليس لها وقتٌ محدّدٌ، وليست من أعمالِ الحَجِّ، فإذا دخل المسجدَ النبويَّ الشريفَ استُحِبّ له أن يُقدِّمَ رجلَه اليمنى عندَ دخولِه ويقولَ دعاءَ دخولِ المسجدِ، ثم يصليَ ركعتين تحيّةَ المسجدِ، أو يصليَ ما شاء، ويدعوَ في صلاتِه بما شاء، والأفضلُ أن يفعلَ ذلك في الروضةِ الشريفةِ، ثم بعدَ الصلاةِ إن أراد زيارةَ قبرِ النبيِّ ﷺ وقف أمامَ قبرِه بأدبٍ، ووقارٍ، وخفضِ صوتٍ، ثم يسلِّمُ عليه ﷺ، ثم يسلِّمُ على أبي بكرٍ الصدِّيقِ، وعمرَ بنِ الخطابِ - رضيَ اللهُ عنهما، ولا يجوزُ لأحدٍ أن يتقرّبَ إلى اللَّهِ بمسحِ الحجرةِ، أو الطوافِ بها، ولا أن يسألَ الرسولَ ﷺ قضاءَ حاجتِه، أو شفاءَ مريضِه، ونحوَ ذلك؛ لأن ذلك كلَّه لا يُطلَبُ إلا من اللَّهِ وحدَه.

المبحثُ السابعُ والعشرون: آدابُ العودةِ من الحَجِّ والعُمرةِ والسفرِ

١ - أن يتعجّلَ في العودةِ، وألّا يطيلَ المُكثَ في السفرِ لغيرِ حاجةٍ.

٢ -  أن يقرأَ دعاءَ السفرِ أثناءَ ركوبِه على مركوبِه: "اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مُقرِنينَ وإنّا إلى ربِّنا لمنقلبون.."، وأن يزيدَ عليه: "آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ لِرَبِّنَا حامِدُونَ".

٣ - يستحبُّ له أن يقولَ أثناءَ رجوعِه من سفرِه: لا إلهَ إلا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربِّنا حامدون، صدق اللَّهُ وعدَه، ونصر عبدَه، وهزم الأحزابَ وحدَه".

٤ -  أن يلتزمَ بآدابِ السفرِ وقد تقدّم ذكرُها في المبحثِ الثامنِ.

٥ - يُستحبُّ له إذا رأى بلدتَه أن يقولَ:  "آيبون، تائبون، عابدون، لربِّنا حامدون"، وأن يردِّدَ ذلك حتى يدخلَ بلدتَه؛ لفعلِه ﷺ. 

٦ - ألّا يَقدَمُ على أهلِه ليلًا إذا أطال الغَيْبة لغيرِ حاجةٍ إلّا إذا بلَّغهم بذلك.

٧ - يُستحبُّ للقادمِ من السفرِ أن يبتدئَ بالمسجدِ الذي بجوارِهِ فيُصلِّيَ فيه ركعتين؛ لفعل النبيِّ ﷺ؛ فإنه "كان إذا قدِم من سفرٍ بدأ بالمسجدِ فركع فيه ركعتين"، أخرجه البخاريُّ.

٨ - يُستحبُّ للمسافرِ إذا قدِم من سفرٍ أن يتلطَّفَ بالوِلْدَان مِن أهلِ بيتِه وجيرانِه ويُحسنَ إليهم إذا استقبلوه.

٩ - تُستحبُّ الهديّةُ؛ لما فيها من تطييبِ القلوبِ وإزالةِ الشَّحناءِ، ويُستحبُّ قَبولُها، والإثابةُ عليها، ويُكرَه ردُّها لغيرِ مانعٍ شرعيٍّ؛ ولهذا قال النبيُّ ﷺ: "تهادُوا تحابُّوا"، والهديّةُ سببٌ من أسبابِ المودّةِ بين المسلمين.

١٠ - إذا قدِم المسافرُ إلى بلدِه استُحِبّتِ المعانَقةُ؛ لِما ثبت عن أصحابِ النبيِّ ﷺ كما قال أنسٌ - رضيَ اللهُ عنه:  "كانوا إذا تلاقَوا تصافحوا، وإذا قدِموا من سفرٍ تعانقوا"، ويُستحبُّ أيضًا جمعُ الأصحابِ وإطعامُهم عندَ القدومِ من السفرِ.

وفي الختامِ، نسألُ اللهَ تعالى أن يتقبّلَ منّا ومنكم صالحَ الأعمالِ، وأن نكونَ قد وُفِّقنا لبيانِ سننِ الحَجِّ والعُمرةِ على الوجهِ الذي يُرضي ربَّ العالمين، ونسألُه سبحانه أن يوفِّقَنا لما يحبُّ ويرضى، وأن يُعينَنا على ذكرِه وشكرِه وحسنِ عبادتِه.


مناسك الحج والعمرة في الإسلام
مناسك الحج والعمرة في الإسلام
سعيد بن وهف القحطاني
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00