المبحثُ الثالثُ والعشرون: خُطَبُ النبيِّ ﷺ في الحَجِّ

أعلن رسولُ اللهِ ﷺ أنه حاجٌّ في السنةِ العاشرةِ، وقد خطب رسولُ اللهِ ﷺ خطبةً في حَجّةِ الوداعِ لتوديعِ أمّتِه ولتبليغِ وصاياه، فبعدَ أن زاغتِ الشمسُ في يومِ عرفاتٍ خطب الناسّ وقال: "إن دماءكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحرمةِ يومِكم هذا، في شهرِكم هذا، في بلدِكم هذا.." إلى آخرِ الخطبةِ، وقد أوصى ﷺ في الخطبةِ بعدّةِ وصايا منها: التمسُّكُ بكتابِ اللهِ وسنّتِه؛ وقد أُنزل على النبيِّ ﷺ في يومِ عرفةَ يومَ الجمعةِ قولُه تعالى : ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة:  3] وهذه أكبرُ نعمِ اللَّهِ تعالى على هذه الأمّةِ حيثُ أكمل تعالى لهم دينَهم فلا يحتاجون إلى دينٍ غيرِه.

وقد خطب رسولُ اللهِ ﷺ أيضًا يوم النحر فعن جابر - رضيَ اللهُ عنه قال: "رأيت النبي ﷺ يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: "لتأخذوا مناسكَكم فإني لا أدري لعلِّي لا أحُجُّ بعدَ حَجّتي هذه"، كما خطب ﷺ أيضًا في أوسطِ أيّامِ التشريقِ، فعن أبي نضرةَ قال : حدّثني مَن سمعَ خطبةَ النبيَّ ﷺ وسَطَ أيامِ التشريقِ فقال: "يا أيها الناسُ إن ربَّكم واحدٌ، وإن أباكم واحدٌ، ألا لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ إلا بالتقوى، أبَلَّغتُ؟" قالوا: بلَّغ رسولُ اللهِ ﷺ.

المبحثُ الرابعُ والعشرون: طوافُ الوداعِ

إذا أراد الحاجُّ الخروجَ من مكةَ فإنه لا يخرجُ حتى يطوفَ طوافَ الوداعِ، فيطوفَ سبعةَ أشواطٍ بالبيتِ ثم يُصلِّي ركعتَين خلفَ مَقامِ إبراهيمَ عليه الصلاةُ والسلامُ، ثم هو يخرجُ من المسجدِ الحرامِ ويقولُ دعاءَ الخروجِ من المسجدِ ثم يرجِعُ إلى بلادِه، إلا أنه خُفِّفَ عن المرأةِ الحائضِ والنُّفَساءِ، فليس عليهما وداعٌ، ومَن ترك طوافَ الوداعِ للحَجِّ، أو جزءًا منه؛ فعليه دمٌ يذبحُه في مكةَ ويوزِّعُه على فقرائها.


مناسك الحج والعمرة في الإسلام
مناسك الحج والعمرة في الإسلام
سعيد بن وهف القحطاني
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00