المبحثُ السابعُ عشرَ: دخولُ مكةَ والطوافُ بالبيتِ العتيقِ

أوَّلًا: دخولُ مكةَ: إذا وصل المعتمرُ أوِ الحاجُّ إلى مكةَ استُحِبَّ له ما يأتي:

يُستحبُّ له أن يستريحَ بمكانٍ مناسبٍ حتى يحصُلَ له النشاطُ والنظافةُ قبلَ الطوافِ، ويستحبُّ له أن يغتسلَ إن تيسّر، كما يستحبُّ له أن يدخلَ مكةَ من أعلاها إن تيسّر، ومَن لم يتيسّر له الغُسلُ قبلَ دخولِ المسجدِ فلا بُدَّ له من الطهارةِ من الحدثِ الأصغرِ والأكبرِ، وتحيّةِ المسجدِ الحرامِ بالطوافِ.

ثانيًا: الطوافُ بالبيتِ العتيقِ: هناك شروطٌ لصحّةِ الطوافِ، منها ما يلي:

الطهارةُ من الحدثِ الأكبرِ والأصغرِ، الطهارةُ من النَجَسِ، سَترُ العورةِ، الترتيبُ، وهو أن يطوفَ على يمينِه، ويجعلَ البيتَ عن يسارِه، أن يبتدئَ بالحجَرِ الأسودِ فيحاذيَه، وينتهيَ إليه في كلِّ شوطٍ، النيّةُ.

أما صفةُ الطوافِ؛ فإنّ الحاجَّ يقطعُ التلبيةَ قبلَ أن يشرَعَ في الطوافِ إن كان متمتِّعًا أو معتمرًا، ثم يقصدُ الحجَرَ الأسودَ، فيحاذيهِ، ويستقبلُه ثم يستلمُه بيمينِه ويُقَبِّلُه إن تيسّر ذلك، ثم يأخذُ ذاتَ اليمينِ ويجعلُ البيتَ عن يسارِه، ويرمُلُ الرجلُ في طوافِ العُمرةِ، وفي الطوافِ الأوّلِ من الحَجِّ، في الثلاثةِ الأشواطِ الأُوَلِ ابتداءً من الحجَرِ الأسودِ إلى أن يعودَ إليه، ويضطبعُ الرجلُ في جميعِ الطوافِ الأوّلِ دونَ غيرِه، والاضطباعُ هو أن يجعلَ وسَطَ ردائه تحت إبْطه الأيمنِ وطرفيه على عاتقِه الأيسرِ، فإذا وصل وحاذى الركنَ اليمانيَّ استلمه بيمينِه إن تيسّر ذلك، وكلّما مرَّ بالحجرِ الأسودِ استلمه وقبَّله، وقال: اللَّهُ أكبرُ، فإن لم يتيسّرِ استلامُه وتقبيلُه أشار إليه، فإذا كَمَّل سبعةَ أشواطٍ وفرَغَ منها سوَّى رداءه فوضعه على كتفَيه وصلّى ركعتَين خلفَ المقامِ (مقامِ إبراهيمَ) إن تيسّر ذلك.

المبحثُ الثامنُ عشرَ: السعيُ بينَ الصفا والمروةِ

السعيُ بينَ الصفا والمروةِ هو ركنٌ من أركانِ الحَجِّ والعُمرةِ لا يصحُّ واحدٌ منهما من دونِه، ويبدأُ الساعي سعيَه متَّجهًا إلى الصفا، فإذا دنا من الصفا قرأ:  ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158]، أَبدأُ بما بدأ اللَّهُ به، ثم يَرقى على الصفا حتى يرى البيتَ فيستقبلَ القبلةَ فيوحِّدَ اللَّهَ ويُكبِّرَه ويَحمَدَه ويقولَ: اللَّهُ أكبرُ، اللَّهُ أكبرُ، اللَّهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ يحيي ويميتُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا إلا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ له أنجز وعدَه، ونصر عبدَه، وهزم الأحزابَ وحدَه، ويكرِّرُ هذا الذكرَ والدعاءَ ثلاثَ مرّاتٍ،  ثم ينزلُ من الصفا إلى المروةِ فيمشي حتى يَصِلَ إلى العَلَمِ الأخضرِ الأوّلِ فيسعى الرجلُ سعيًا شديدًا إن تيسّر له الركضُ، فإذا وصل إلى العَلَمِ الأخضرِ الثاني مشى كعادتِه حتى يصلَ إلى المروةِ، فيرقى عليها، ويستقبلَ القبلةَ، ويرفعَ يدَيه في دعائه، ويقولَ ويفعلَ كما قال وفعل على الصفا.

ثم هو ينزلُ من المروةِ إلى الصفا، فإذا وصل العَلَمَ الأوّلَ سعى بينَه وبينَ الثاني سعيًا شديدًا، فإذا جاوز العَلَمَ الثانيَ مشى كعادتِه إلى أن يصلَ إلى الصفا، فإذا وصل قال وفعل كما قال وفعل أوّلَ مرّةٍ، وهكذا على المروة حتى يُكمِلَ سبعةَ أشواطٍ، ثم هو يَحلقُ رأسَه إن كان رجلًا معتمرًا، أو متمتِّعًا، وإن كانتِ امرأةٌ فإنها تُقَصِّرُ من شعرِها قدرَ أُنمُلةٍ، والأُنمُلةُ هي رأسُ الأُصبُعِ، فإذا فعل المُحرِمُ ما ذُكِرَ فقد تمّت عمرتُه وحلَّ له كلُّ شيءٍ حُرِّمَ عليه بالإحرامِ، إلا أن يكونَ قارنًا أو مُفرِدًا قد ساق الهديَ من الحِلِّ؛ فإنه يبقى على إحرامِه حتى يُحِلَّ من الحَجِّ والعُمرةِ جميعًا بعدَ التحلُّلِ الأوّلِ يومَ النحرِ.

المبحثُ التاسعُ عشرَ: أعمالُ الحَجِّ يومَ الثامنِ (يومَ الترويةِ)

إذا كان يومُ الترويةِ وهو اليومُ الثامنُ من ذي الحجّة استُحِبَّ للذين أحلُّوا بعدَ العُمرةِ، وهمُ المتمتّعون أن يُحرِموا بالحجّ ضُحًى من مساكنِهم، وكذلك مَن أراد الحَجَّ من أهلِ مكةَ، أمّا القارنُون والمُفرِدُون الذين لم يُحِلُّوا من إحرامِهم فهم باقون على إحرامِهم الأوّلِ، ويُستحبُّ الاغتسالُ، والتنظُّفُ، والتطيِّبُ، وينوي الحَجَّ بقلبِه ويلبّي قائلًا:  لبيك حَجًّا، وإن كان خائفًا من عائقٍ يمنعُه من إتمامِ حَجِّهِ اشترَط فقال:  فإن حبسني حابسٌ فمَحَلّي حيثُ حبستني، ويُستحَبُّ التوجُّهُ إلى منًى قبلَ الزوالِ ويصلِّي بها الظهرَ، والعصرَ، والمغربَ، والعشاءَ، والفجرَ، قصرًا بلا جمعٍ، إلا المغربَ والفجرَ فلا يُقصَرانِ، ويُستحبُّ للحاجِّ أيضًا أن يبيتَ بمنًى ليلةَ عرفةَ.


مناسك الحج والعمرة في الإسلام
مناسك الحج والعمرة في الإسلام
سعيد بن وهف القحطاني
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00