المبحثُ الخامسُ والعشرون: الهدايا والأضاحي والعقيقةُ

أوَّلًا: مفهومُ الهديِ:  

 الهديُ هو ما يُنقلُ للذبحِ من النَّعمِ إلى الحرَمِ، والتعريفُ المختارُ للهَديِ أنه: ما يُهدَى تقرُّبًا للهِ - عزَّ وجلَّ - إلى البيتِ الحرامِ مِن بهيمةِ الأنعامِ للنحرِ أو الذبحِ داخلَ الحرمِ.

ثانيًا: أنواعُ الهدايا، وهي عشرةُ أنواعٍ:

النوعُ الأوّلُ:  هديُ المُحصَرِ، يُذبحُ في موضعِ الحصرِ على الصحيحِ، والمقصودُ بالإحصارِ هو المنعُ والحبسُ، النوعُ الثاني:  هديُ التمتُّعِ والقِرانِ، وهو هديُ نُسُكٍ لا يُذبَحُ إلا في الحرمِ، النوعُ الثالثُ:  هديُ جزاءِ الصيدِ، النوعُ الرابعُ:  هديُ فديةِ الأذى، النوعُ الخامسُ:  ما وجب لتركِ واجبٍ، النوعُ السادسُ:  هديُ الإفسادِ؛ أيْ إفسادِ الحجِّ بالجماعِ، النوعُ السابعُ:  هديُ الفَواتِ، النوعُ الثامنُ: الهديُ المنذورُ في الذمّةِ، النوعُ التاسعُ:  الهديُ المعيَّنُ واجبًا، النوعُ العاشرُ:  الهديُ المعيَّنُ تطوُّعًا.

ثالثًا: هديٌ واجبٌ بالنذرِ، وهديٌ واجبٌ بغيرِ النذرِ:

 أمّا الهديُ الواجبُ بالنذرِ؛ فكأنْ يقولَ:  نذرتُ للهِ إهداءَ هذا الهديِ المُعيَّنِ، والأصلُ في الهديِ الواجبِ بالنذرِ قولُ اللَّهِ تعالى: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ [الحجّ: 29]، وهذا يدلُّ على وجوبِ الوفاءِ بالنذرِ، أمّا الهديُ غيرُ الواجبِ بالنذرِ فهو كدمِ التمتُّعِ والقِرانِ، والدماءُ الواجبةُ تكونُ بتركِ واجبٍ أو فعلِ محظورٍ.

الأضاحي: الأضحيةُ مشروعةٌ بالكتابِ، والسنّةِ، وإجماعِ الأمّةِ، يقولُ اللَّهُ تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، وسمعتُ شيخَنا الإمامَ عبدَ العزيزِ بنَ بازٍ - رحمه اللَّهُ - يقولُ:  والأضحيةُ سُنّةٌ، وقال بعضُ أهلِ العلمِ بوجوبِها، والذي عليه جمهورُ أهلِ العلمِ أنها سنّةٌ مؤكّدةٌ لِمن قدر على ثمنِها، ولمَن كان له سَعةٌ.

 وذبحُ الأضحيةِ أفضلُ من الصدقةِ بثَمنِها؛ لأن الذبحَ وإهراقَ الدمِ تقرُّبًا إلى اللهِ هو عبادةٌ مشتملةٌ على تعظيمِ اللَّهِ تعالى، وإذا دخل شهرُ ذي الحجّةِ فقد نُهيَ مَن أراد أن يضحِّيَ أن يأخذَ مِن شعرِه أو أظفارِه شيئًا حتى يضحِّيَ، ووقتُ ذبحِ الأضحيةِ هو مِن بعدِ صلاةِ عيدِ الأضحى، وآخرُ وقتِ ذبحِ الأضاحي هو غروبُ شمسِ اليومِ الثالثِ من أيّامِ التشريقِ على القولِ الراجحِ من أقوالِ أهلِ العلمِ، ويجبُ أن تكونَ الأضحيةُ عبادةً خالصةً للهِ تعالى، وعلى سُنّةِ رسولِ اللهِ ﷺ.

شروطُ الأُضحيةِ: وللأُضحيةِ عدّةُ شروطٍ، ومنها أن تكونَ ملكًا للمُضحِّي، وأن تكونَ من الإبلِ والبقرِ والغنمِ، وأن تكونَ سالمةً من العيوبِ؛ كأن تكونَ مقطوعةَ الأذنِ أو نحوَ ذلك، ومن شروطِها أيضًا أن تبلغَ الأضحيةُ السنَّ المعتبرَة شرعًا.

العقيقةُ شرعًا هي الشاةُ التي تُذبَحُ عنِ المولودِ في اليومِ السابعِ من ولادتِه عندَ حلقِ شعرِه، وهي سنّةٌ مؤكّدةٌ، قال رسولُ اللهِ  ﷺ: "كلُّ غُلَامٍ رهينةٌ بعقيقتِه، تُذبَحُ عَنهُ يَوْمَ سابعِه، وَيُسَمَّى فِيهِ، ويُحلقُ رَأسُهُ"، ومعنى قولِه ﷺ: "رهينةٌ بعقَيقتِه": (أن العقيقةَ لازِمةٌ له لا بُدَّ منها).

والسنّةُ أن يذبحَ عنِ الغلامِ شاتان، وعنِ الجاريةِ شاةٌ، ومنَ السنّةِ أيضًا أن يُسمَّى المولودُ في اليومِ السابعِ مِن ولادتِه، وينبغي للعبدِ المسلمِ أن يختارَ الأسماءَ المحبوبةَ للهِ تعالى، والتي لا محذورَ فيها شرعًا، ومن السنّةِ حلقُ شعرِ المولودِ في اليومِ السابعِ لولادتِه والتصدُّقُ بعدَ حلاقةِ رأسِه بزِنةِ شعرِه فضّةً، وبعدَ الولادةِ يؤذَّنُ في أذنِ المولودِ، سواءٌ أكان ذكرًا أم أنثى، فعن أبي رافعٍ - رضيَ اللهُ عنه - قال:  "رأيتُ رسولَ اللهِ - صلّى اللهُ عليه وسلّم - أذَّن في أُذنِ الحسنِ بنِ عليٍّ حينَ ولدته فاطمةُ بالصلاةِ"، رواه الترمذيُّ.


مناسك الحج والعمرة في الإسلام
مناسك الحج والعمرة في الإسلام
سعيد بن وهف القحطاني
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00