الفصل الثالث: زكاة الذهب والفضة

 

المبحث الأول: زكاة النقود

وجوب الزكاة في النقود ثابت بالكتاب والسنة بالإجماع، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [التوبة : 34]، وحكمة إيجاب الزكاة في النقود، أنه أمثل طريقة للقضاء على حبس النقود واكتنازها، واجتمع العلماء على مقدار الواجب في زكاة النقود على أن زكاة الذهب والفضة ربع عشرهما (اثنان ونصف في المئة)، ونصاب النقود؛ الفضة (الدراهم): مئتا درهم، أما النقود الذهبية(الدنانير)؛ فالجمهور الأكبر من الفقهاء ذهبوا إلى أن نصابه عشرون دينارا.

بماذا نحدد النصاب في عصرنا؛ بالذهب أم بالفضة؟

أصبحت العملة الورقية هي السائدة في التعامل، ولا نكاد نرى العملة المعدنية، ويميل كثير من العلماء المعاصرين إلى أن نحدد النصاب بالفضة؛ لأنه مجمع عليه، وثابت بالسنة المشهورة الصحيحة، ويذهب علماء آخرون إلى أن تقدير النصاب يجب أن يكون بالذهب، وذلك أن الفضة تغيرت قيمتها بعد عصر النبي ﷺ. ويبدو لي أن هذا القول سليم الوجهة.

زكاة النقود الورقية: لم تعرف النقود الورقية إلا في العصر الحاضر؛ لذا يرى بعض العلماء أن لا زكاة فيها؛ لأن النقود الشرعية إنما هي الذهب أو الفضة، ولكن هذه الأوراق أصبحت باعتماد السلطات الشرعية إياها، أثمان الأشياء، وبها يتم البيع والشراء، ولها قوة الذهب والفضة في قضاء الحاجات، ومعنى هذا كله أن لها وظائف النقود الشرعية، فكيف لنا أن نحرم الفقراء والمستحقين من الانتفاع من هذه النقود!.

شروط وجوب الزكاة في النقود: بلوغ النصاب وهو ما يساوي خمسة وثمانين جراما من الذهب، وحولان الحول، والفراغ من الدين، والفضل عن الحاجة الأصلية.

المبحث الثاني: في زكاة الحلي والأواني والتحف الذهبية والفضية

أواني الذهب والفضة وتحفهما فيها زكاة، ولا خلاف في ذلك بين علماء الإسلام، وكذلك حلي الرجال المحرم فيه زكاة، أما حلي اللآلئ والجواهر للنساء فلا زكاة فيها، واختلف في حلي الذهب والفضة للنساء، والذي أرجحه بعد الاطلاع على أقوال العلماء وأدلتهم، أن قول المانعين لوجوب الزكاة في الحلي أقوى وأولى، إذا كان للزينة والمتاع، أما ما اتخذ من الحلي كنزا ففيه الزكاة.


فقه الزكاة الجزء الأول
فقه الزكاة الجزء الأول
يوسف القرضاوي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00