"نقل النووي عن صاحب الحاوي قال: "اعلم أن الزكاة لفظة عربية معروفة قبل ورود الشرع، مستعملة في أشعارهم ، وذلك أكثر من أن يستدل له".
"كانت مصر في عهدها القديم جنة الله في الأرض، وكانت تنبت من الخيرات ما يكفي أضعاف أهلها عددا، ولكن الطبقة الفقيرة فيها كانت لا تجد ما تأكله؛ لأن الطبقة الموسرة كانت لا تترك لهم شيئا غير حثالة لا تسمن ولا تغني من جوع".
"كان هذا الجانب الإنساني الاجتماعي - جانب رعاية الفقراء والمساكين - موضع عناية بالغة، واهتمام مستمر، من القرآن الكريم، ذكره القرآن أحيانا باسم إطعام المسكين والحض عليه، وأحيانا تحت عنوان الإنفاق مما رزق الله، وتارة باسم أداء حق السائل والمحروم".
" أما السنة فهي البيان القولي، والتطبيق العملي للقرآن: تفسر ما أبهمه، وتفصل ما أجمله، وتحدد ما أطلقه، وتخصص ما عممه، وفقا لما فهم الرسول المعصوم عن ربه".
"روي عن مسلم أن النبي ﷺ قال: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح، ثم أحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، إما للجنة وإما للنار".
"قال النووي: إذا امتنع من أداء الزكاة منكرا لوجوبها، فإن كان ممن يخفى عليه ذلك لكونه قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة أو نحو ذلك لم يحكم بكفره، بل يعرف وجوبها، وتؤخذ منه، فإن جحدها بعد ذلك حكم بكفره".
"إن الزكاة عبادة مالية تجرى فيها النيابة والولي نائب الصبي فيها، فيقوم مقامه في إقامة هذا الواجب، بخلاف العبادات البدنية كالصلاة والصيام، فإنها عبادة شخصية لا يجوز فيها التوكيل والإنابة".
"لم يفرض الإسلام زكاة في أي قدر من المال النامي، وإن كان ضئيلا، بل اشترط أن يبلغ المال مقدارا محددا يسمى (النصاب) في لغة الفقه".
"ومن هنا اتجه التشريع الضريبي الحديث إلى إعفاء ذوي الدخل المحدود من فرض الضرائب عليهم، رفقا بهم، ومراعاة لحالهم، وعدم مقدرتهم على الدفع، وهو ما سبقت به شريعة الله منذ أربعة عشر قرنا من الزمان".
"ومعنى هذا أن الله جلت حكمته جعل وعاء الإنفاق ما زاد عن الكفاف، وما فضل عن الحاجة".
"إن مهمة النقود أن تتحرك وتتداول، فيستفيد من ورائها كل الذين يتداولونها، وأما اكتنازها وحبسها، فيؤدي إلى كساد الأعمال، وانتشار البطالة، وركود الأسواق، وانكماش الحركة الاقتصادية بصفة عامة".
"الذي يفهم من روح الشريعة ونصوصها أنها لم توجب الزكاة في الذهب والفضة لمحض ماليتها: إذ لم توجب الزكاة في كل مال، بل في المال المعد للنماء، والذهب والفضة إنما اعتبرهما الشارع مالا معدا للنماء من جهة أنهما أثمان للأشياء".
"لقد أصبحت هذه الأوراق النقدية تحقق داخل كل دولة ما تحققه النقود المعدنية، وينظر المجتمع إليها نظرته إلى تلك أنها تدفع مهرا فتستباح بها الفروج شرعا دون أي اعتراض، وتدفع ثمنا فتنقل ملكية إلى دافعها بلا جدال، وتدفع أجرا للجهد البشري فلا يمتنع عامل أو موظف من أخذها جزاء على عمله"
"يمكن القول بأن النقود هي كل ما يستعمل مقياسا للقيم، وواسطة للتبادل، وأداة للادخار، فأي شيء يؤدي إلى هذه الوظيفة يعتبر نقودا، بصرف النظر عن المادة المصنوع منها"
"فإن الحلي ليس من حاجات الرجل ولا من مقتضيات فطرته، ولهذا حرمت عليه شريعة الإسلام التحلي بالذهب، ولم يبح له إلا التختم بالفضة ومثل هذا لا يبلغ التحلي به نصابا".
"يستبعد في حكم الشريعة العادلة، أن يعفى من الزكاة حلي اللؤلؤ والماس والجواهر الثمينة، التي يقدر الفص الواحد منها بآلاف الدنانير، ولا يتحلى بها إلا النساء الثريات المقتدرات، وزوجات الأثرياء الكبار وبناتهم، ثم توجب الشريعة الزكاة في حلي الذهب والفضة، التي يتحلى بها عادة متوسطات الحال، بل كثير من الفقيرات".
"روي عن سعيد بن المسيب: الحلي إذا لبس وانتفع به فلا زكاة فيه، وإذا لم يلبس ولم ينتفع به ففيه الزكاة".
"إن أحوج الناس إلى تطهير أنفسهم وأموالهم وتزكيتها هم التجار، فإن طرائق كسبهم لا تسلم من شوائب وشبهات، لا يسلم من غوائلها إلا الورع الصدوق الأمين".
"إن ما تخرجه الأرض من زرع وثمر إنما هو من فضل الله ومن عمل يده سبحانه، لا من عمل أيدينا القاصرة، فهو الزارع المنبت حقيقة لا نحن الزارعون، فلا عجب أن يطالبنا سبحانه بالشكر على هذه النعمة".
"لو عاش أئمتنا - رحمهم الله - حتى أدركوا قيمة المعادن في عصرنا وما تجلبه من نفع وما يترتب عليها من غنى الأمم وازدهارها؛ لكان لهم موقف آخر فيما انتهى إليه اجتهادهم الأول من أحكام".
"في مذهب مالك: أن ما يخرج من باطن الأرض؛ سواء أكان فلزات أم كان سوائل؛ يكون كله ملكا لبيت مال المسلمين".
"المستغلات: هي الأموال التي لا تجب الزكاة في عينها، ولم تتخذ للتجارة ولكنها تتخذ للنماء، فتغل لأصحابها فائدة وكسبا بواسطة تأجير عينها، أو بيع ما يحصل من إنتاجها".
"الأسهم حقوق ملكية جزئية لرأس مال كبير للشركات المساهمة أو التوصية بالأسهم، وكل سهم جزء من أجزاء متساوية لرأس المال، والسند تعهد مكتوب من البنك أو الشركة أو الحكومة لحامله بسداد مبلغ مقدر من قرض في تاريخ معين، نظير فائدة مقدرة".
"قد لا يعرف كثير ممن يملكون أسهم الشركات حكم زكاة هذه الأسهم، وقد يعتقد بعضهم أنها لا تجب زكاتها، وهذا خطأ، وقد يعتقد البعض وجوب الزكاة في أسهم الشركات مطلقا، وهذا خطأ أيضا، وإنما الواجب النظر في هذه الأسهم تبعا لنوع الشركة التي أصدرتها".