أجمع علماء الإسلام على أن الزكاة تجب على المسلم البالغ العاقل الحر المالك لنصابها المخصوص بشرائطه، واتفق المسلمون على أنها لا تجب على غير المسلم، وأما من فتن وارتد، فإن كانت الزكاة قد وجبت عليه في حال إسلامه فلا تسقط بالردة، وهذا عند الشافعية خلافا لأبي حنيفة. وأما زمن الردّة، فقد اختلف فيه فقهاء الشافعية، واختار بعضهم القطع بوجوب الزكاة، وهو ما اختار؛ لأنها حق للفقراء والمُستحقين، فلا يسقط بالردّة كالنفقات والغرامات.
لماذا لم يوجب الإسلام الزكاة على غير المسلمين؟
وللرد على هذا التساؤل ينبغي أن نبين اعتبارين:
الأول: وهو أن الزكاة تكليف اجتماعي، أوجبه الله تعالى، قياما بحق الاخوة، والمجتمع، وحق الله عز وجل.
والثاني: أنها عبادة من عبادات الإسلام، ودعامة من الدعائم الخمس التي قام عليه بناؤه، لذا أبت سماحة الإسلام فرضه على غير المسلمين.
هل يؤخذ مقدار الزكاة من غير المسلمين ضريبة؟
هذه قضية تحتاج إلى اجتهاد جماعي من علماء المسلمين، وإلى أن يتاح ذلك، لا مانع من أن أبدي رأيي؛ وهو أنه لا مانع من أخذ الزكاة بوصفها ضريبة من غير المسلمين، ويدل على هذا أمور:
اختلف الفقهاء في مال الصبي والمجنون إلى فريقين:
فريق من الفقهاء لا يرى وجوب الزكاة في مالهما إما مطلقا أو في بعض الأموال، وأدلتهم هي أن الزكاة عبادة محض كالصلاة وتحتاج إلى نية، والصبي والمجنون لا تتحقق منهما النية، لذا سقطت الصلاة، فوجب أن تسقط الزكاة لنفس العلة، وذهب أبو حنيفة إلى أن الزكاة في زرعه وثمره فقط، أما بقية الأموال فلا.
وفريق من الفقهاء يرى وجوب الزكاة في أموالهما جميعا، ومنهم الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم، وأدلتهم هي عموم النصوص من الآيات والأحاديث الصحيحة التي دلت على وجوب الزكاة في مال الأغنياء وجوبا مطلقا دون استثناء، وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة".
وقال بعض المالكية: إنما يؤمر الولي بإخراج الزكاة عن الصبي إذا أمن أن يتعقب فعله؛ وإذا أخرجها أشهد عليها.
وبناء على الأدلة التي قدمها الفريقان، يتضح لنا رجحان مذهب الأئمة الثلاثة على مذهب أبي حنيفة، والخلاصة أن مال الصبي والمجنون تجب فيه الزكاة؛ لأنه حق يتعلق بالمال فلا يسقط بالصغر ولا بالجنون.