لم يحدد القرآن الأموال التي تجب فيها الزكاة، وترك ذلك للسنة، وذلك لأن الرسول ﷺ هو المكلف ببيان ما أنزل الله من القرآن بقوله، وفعله، وتقريره، وهناك أنواع ذكرها القرآن ونبه عليها إجمالا:
الأول: الذهب والفضة، والثاني: الزروع والثمار، والثالث: الكسب من تجارة وغيرها، والرابع: الخارج من الأرض من معدن وغيره.
الأموال: جمع مال، وبلسان العرب هو كل ما يرغب الناس في امتلاكه، كالإبل والنخيل والذهب، وقد اختلف الفقهاء في معنى المال شرعا، فعند الحنفية، هو كل ما يمكن حيازته، والانتفاع به على وجه معتاد، وعند الشافعية والمالكية والحنابلة، المنافع أموال، فليس من الواجب عندهم في المال إمكان إحرازه بنفسه، وقد أخذ علماء التشريع الوضعي بهذا الرأي، فاعتبروا المنافع من الأموال، والذي نرجحه هنا هو تعريف الحنفية للمال؛ لأنه أقرب إلى المعنى اللغوي.
1. المُلك التام، فالمال هو مال الله تعالى، ولكن الله أضاف الأموال إلى عباده، تكريما منه لهم، والمراد بالملك التام هنا؛ ملك الإنسان للشيء: أنه أحق بالانتفاع بعينه، وذلك بوسيلة مشروعة، والملك التام هو اصطلاح فقهي يتضمن الملك وتمامه، والملك في اللغة، مصدر: ملك الشيء، وعرفه صدر الشريعة بأنه "اتصال شرعي بين الإنسان وبين شيء يكون مطلق التصرف فيه. ومعنى تمام الملك: أن يكون المال بيده، ولم يتعلق به حق غيره، ولهذا قالوا: لا تجب الزكاة على المشتري فيما اشتراه للتجارة قبل القبض، لعدم اليد.
ويعبر بعض الفقهاء عن شرط تمام الملك بالتمكن، والدليل على هذا الشرط أمران؛ الأول: إضافة الأموال إلى أربابها في القرآن والسنة، وهذه الإضافة تقتضي الملكية، والثاني: أن الزكاة فيها تمليك المال للمستحقين له، فلا يمكن أن يملك الإنسان غيره شيئا لا يملكه. فروع هذا الشرط: المال الذي ليس له مالك معين، لا زكاة فيه، مثل أموال الحكومة، وكذلك الأرض الموقوفة ونحوها، لا زكاة فيها، بخلاف الموقوف على معين واحد أو جماعة كالذرية، والمال الحرام لا زكاة فيه؛ لأنها أموال منهوبة، وفي الحديث: "لا يقبل الله صدقة من غلول"، والغلول هو المال الذي غله صاحبه، وأخذه من المال العام.
زكاة الدين: يرى جمهور الفقهاء أن الدين نوعان: دين مرجو الأداء، فهذا يعجل زكاته، مع ماله الحاضر في كل حول، ودين غير مرجو أخذه، وفيه مذاهب،؛ الأول: أن يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين، والثاني: أنه يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة، والثالث: أن لا زكاة عليه لشيء مما مضى من السنين، وقد اختار الإمام أبو عبيد إذا كان الدين مرجوا، أنه يزكيه في كل عام مع ماله الحاضر؛ لأن هذا حينئذ بمنزلة ما في يده وفي بيته، ونحن نوافق أبا عبيد فيما اختاره في الدين المرجو.
مكافآت الموظفين ومدخراتهم: إذا كان يستطيع الموظف أن يصرفها إذا أراد، فالذي أرجحه أن ملكه في هذه الحال ملك تام، وحينئذ تجب فيه الزكاة.
2. النماء: وهو الشرط الثاني، وهو أن يكون المال الذي تأخذ منه الزكاة يدر على صاحبه ربحا، والحكمة من تقديره، ألا يصير الشخص فقيرا، وهذا يتنافى مع المقصود الأصلي للزكاة وهو مواساة الفقراء، ودليل هذا الشرط أخذ من السنة القولية والعملية، أما المال المعجوز عن تنميته فهو نوعان: الأول؛ عجز من جهة المال نفسه، وهذا لا زكاة فيه، والثاني؛ عجز من صاحب المال، وهذا عليه زكاة.
3. بلوغ النصاب: اشتراط النصاب في مال الزكاة مجمع عليه بين العلماء، في غير الزروع والثمار والمعادن، ويرى أبو حنيفة أن في قليل ما أخرجت الأرض وكثيره العشر، ولكن جمهور العلماء يرون النصاب شرطا لا بد منه لوجوب الزكاة في كل مال، يستوي في ذلك الخارج من الأرض وغيره من المال.
4. الفضل عن الحوائج الأصلية: من الفقهاء من أضاف شرط النماء في المال بأن يكون النصاب فاضلا عن الحاجة الأصلية لملكه، ومما يدل على هذا الشرط حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "إنما الصدقة عن ظهر غنى".
5. السلامة من الدين: إذا كان المالك مدينا بدين يستغرق نصاب الزكاة أو ينقصه، فإن الزكاة لا تجب فيه.
6. حولان الحول: وهو أن يمر على الملك في ملك المالك اثنا عشر شهرا عربيا، وهذا بالنسبة إلى الأنعام والنقود والسلع، أما الزروع والمعادن ونحوها فلا يشترط فيها الحول.