هديه صلَّى الله عليه وسلَّم في ذكر الله، وهديه في الذكر عند لبس الثوب وعند دخوله إلى منزله، وهديه في أذكار الصباح والمساء

 

يقول ابن القيّم: كان النبيّ ﷺ أكملَ الخلق ذِكْرًا للّه عَزَّ وجَلَّ، بل كان كلامُه كُلُّهُ في ذِكر الله وما والاه، وكان أمرُهُ ونهيُه وتشريعُه للأمَّة ذِكْرًا منه لِلَّهِ، وإخبارُهُ عن أسماءِ الربِّ وصِفاتِه، وأحكامِهِ وأفعاله، ووعدِه ووعيده، ذِكرًا منه له، وثناؤُه عليه بآلائه، وتمجيدُه وحمدُه وتسبيحُه ذكرًا منه له، وسؤالُه ودعاؤه إيَّاه، ورغبتُه ورهبتُه ذِكرًا منه له، وسكوته وصمتُه ذِكرًا منه له بقلبه، فكان ذاكرًا للّه في كلِّ أحيانه، وعلى جميع أحواله، وكان ذِكْرُهُ لِلَّهِ يجرى مع أنفاسه، قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه، وفى مشيه وركوبه ومسيره، ونزولِه وظعنه وإقامته.

وكان إذا استيقظَ قال: "الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيانَا بَعْدَ مَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النُّشُورُ".

وقالت عائشةُ: "كان إذَا هَبَّ مِنَ اللَّيْلِ، كَبَّر اللهَ عَشْرًا، وحَمِدَ الله عَشْرًا، وقَالَ: "سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ" عَشْرًا، "سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوسِ" عَشْرًا، واسْتَغْفَرَ اللهَ عَشْرًا، وهَلَّلَ عَشْرًا، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ ضِيقِ الدُّنيَا، وَضِيقِ يَوْمِ القِيَامَةِ" عَشْرًا، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ الصلاة".

وقالت أَيْضًا: "كَانَ إذا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "لا إلهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللهُمَّ زِدْنِي عِلَمًا وَلا تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنِي، وَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ " ذكرهما أبو داود.

وأخبر أنَّ مَن استيقظَ من اللّيْل فَقَالَ: "لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، الحمدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَلا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ" - ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ اغْفِر لي - أَوْ دعا بدعاء آخر -، استُجِيبَ لَهُ، فإنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، قُبِلَتْ صَلاتُه" ذكره البخاريّ.

وقال ابنُ عباس عنه ﷺ لَيْلَةَ مَبيتِهِ عِنْدَهُ: إنَّهُ لَمَّا اسْتَيْقَظَ، رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ وَقَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَواتِيمُ مِنْ سُورَةِ "آلِ عِمْرَانَ": {إنَّ في خَلْقِ السَّموَاتِ والأرْضِ} إلى آخِرِها. ثمَّ قال: "اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَاواتِ والأرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، ومُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إلهِي، لا إلهَ إلَّا أنْتَ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا باللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ".

وقد قالت عائشةُ رضي الله عنها: "كَانَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيلِ قال: "اللهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بإذنك، إنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ".

وكَانَ إذَا خَرجَ مِن بَيتِهِ يَقُولُ: "بسم الله، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، اللهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أوْ أُضَلَّ، أَو أزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ"، حَدِيث صحيح.

وقال ﷺ: "مَنْ قَالَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ: بِسْمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ، يُقَالُ لَهُ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ"، حديث حسن.

وقال ابنُ عباس عنه ليلةَ مبيته عِندهُ: إنَّهُ خرج إلى صَلاةِ الفجر وهُو يَقُولُ: "اللهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبِي نُورًا، واجْعَلْ في لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ في سَمْعِي نُورًا، واجْعَلْ في بَصَرِي نُورًا، واجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا، ومِنْ أمَامِي نُورًا، واجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ تَحْتِي نُورًا، اللهُمَّ أعْظِمْ لي نُورًا".

وذكر أبو داود عنه ﷺ أنَّه كان إذا دخل المسجدَ قال: "أَعُوذُ بِاللهِ العَظِيمِ، وبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ القَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَإذَا قَالَ ذلِكَ قال الشَّيْطَانُ: حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ اليَوْمِ".

وقال ﷺ: "إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النبيِّ ﷺ وَلْيَقُلْ: اللهُمَّ افْتَحْ لي أبْوَابَ رَحْمَتِكَ، فَإذَا خَرَجَ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ".

وَذُكر عنه: "أنَّهُ كانَ إذَا دَخَلَ المَسْجِدَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللهُمَّ اغْفِرْ لي ذنوبي، وافْتَحْ لي أبْوَابَ رَحْمَتِكَ، فَإذَا خَرَجَ صَلَّى عَلى مُحمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّم، ثُمَّ يَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لي ذُنُوبِي وَافْتَح لي أبْوَابَ فَضْلِكَ".

وكَانَ إذَا صلَّى الصُّبْحَ، جَلَسَ في مُصلَّاه حَتَّى تطلُعَ الشَّمْسُ يَذْكُرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ.

وكان يقول إذَا أَصْبَحَ: "اللهُمَّ بِكَ أصْبَحْنَا، وَبِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبكَ نَمُوتُ، وَإلَيْكَ النُّشُورُ"، حديث صحيح.

وكان يَقُولُ: "أصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أسْأَلُكَ خَيْرَ مَا في هذَا اليَوْم، وَخَيْرَ مَا بَعْدَهُ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شرِّ هذَا اليَوْمِ، وَشرِّ مَا بَعْدَهُ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ، وَسُوءِ الكِبَر، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ، وعَذَابٍ في القَبْرِ، وإذَا أمْسَى قَالَ: أمْسَيْنَا وَأَمْسَى المُلْكُ لِلَّهِ"، إلى آخِرِهِ. ذكره مسلم.

وقال له أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: "مُرْني بِكَلِمَاتٍ أقُولُهُنَّ إذَا أصْبَحْتُ وإذَا أَمْسَيْتُ، قَالَ: قُلْ: "اللهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيءٍ وَمَلِيكَهُ وَمَالِكه، أشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلَّا أنْتَ، أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ نفسي، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكهِ، وأنْ أقْتَرِفَ عَلَى نفسي سُوءًا أوْ أَجُرَّهُ إلَى مُسْلِمٍ" قال: "قُلْهَا إذَا أَصْبَحْتَ وَإذَا أمْسَيْتَ، وإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ"، حديث صحيح.

وقال ﷺ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الذي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ - ثَلاث مَرَّاتٍ - إلَّا لَمْ يَضُرَّهُ شَيءٌ "، حديث صحيح.

وقال: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أنْ يُرْضِيَهُ"، صحَّحه الترمذيّ والحاكم.

وقال: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: اللهُمَّ إنِّي أصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ، أنَّكَ أنتَ اللهُ الذي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، أَعْتَقَ اللهُ رُبْعَهُ مِنَ النَّارِ، وَإنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ، أَعْتَقَ اللهُ نِصْفَهُ مِنَ النَّارِ، وإنْ قَالَهَا ثَلاثًا، أَعْتَقَ اللهُ ثَلاثَة أَرْبَاعِهِ مِنَ النَّارِ، وَإنْ قَالَهَا أرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ"، حديث حسن.

وقالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أوْ بأحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الحَمْدُ، وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِيْنَ يُمْسِي، فَقَدْ أدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ"، حديث حسن.

وكَانَ يدعو حينَ يُصبح وحينَ يُمْسِي بهذِهِ الدعَواتِ: "اللهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ العَافِيَةَ في الدُّنْيَا والآخِرَة، اللهُمَّ إني أَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِية في ديني وَدُنْيَايَ وَأهْلِي وَمَالِي، اللهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وآمِنْ رَوْعَاتِي، اللهُمَّ احْفظْنِي مِنْ بَيْن يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يميني وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي"، صحَّحه الحاكم.

وقال: "إذَا أصْبَحَ أحَدُكُم، فَلْيَقُلْ: أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، اللهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هذَا الْيَوْمِ: فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ وَبَرَكَتَه وَهِدَايَتَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، ثُمَّ إذَا أمْسَى، فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذلِكَ"، حديث حسن.

وذكرَ أبو داود عنه أنَّه قال لِبعض بناتِهِ: "قُولِي حِيْنَ تُصْبِحِينَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأ لَمْ يَكُنْ، أعْلَمُ أنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قديرٌ، وأنّ الله قَدْ أحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، فَإنَّهُ مَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُصْبِحُ، حُفِظَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي حُفِظَ حَتَّى يُصْبِحَ".

وقال لرجل من الأنصار: "ألا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إذَا قُلْتَهُ أذْهَبَ اللهُ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ"؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: "قُل إذَا أصْبَحْتَ وَإذَا أمْسَيْتَ: اللهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وقَهْرِ الرِّجَالِ" قال: فقلتُهنَّ، فأذهب الله همِّي وقضَى عنِّي دَيْني.

وكان إذا أصبح قال: "أصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإسْلامِ، وَكَلِمَةِ الإخْلاصِ، ودِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَمِلَّةِ أبِينَا إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا، وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ".

ويُذكَرُ عنه ﷺ أنَّه قال لِفاطمة ابنتهِ: "مَا يَمْنَعُكِ أنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ بِهِ: أنْ تَقُولِي إذَا أصْبَحْتِ وَإذَا أمْسَيْتِ: يَا حَيُّ، يَا قَيُّومُ بك أستغيث، فأصلح لي شأني، ولا تَكِلْنِي إلى نفسي طرفةَ عَيْنٍ".

ويُذكرُ عنه ﷺ أنَّه قال لِرجل شكا إليهِ إصابةَ الآفاتِ: "قُل إذَا أصْبَحْتَ: بِسْمِ اللهِ عَلَى نفسي، وَأَهْلِي وَمَالِي، فَإنَّهُ لا يَذْهَبُ عَلَيْكَ شَيْءٌ".

ويُذكَر عنه أنَّه كان إذَا أصبح قالَ: "اللهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا".

ويُذكر عنه ﷺ: إنَّ العبد إذا قالَ حِينَ يُصبِحُ ثلاثَ مرات: "اللهُمَّ إني أَصْبَحْتُ مِنْكَ في نِعْمَةٍ وَعَافِيَةٍ وَسِتْرٍ، فَأَتْمِمْ عَلَيَّ نِعْمَتَكَ وَعَافِيَتَكَ وَسِتْرَكَ في الدُّنيَا والآخِرَةِ، وإذَا أمْسى، قالَ ذلِك، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ".

وَيذكر عنه ﷺ أنَّه قال: "مَنْ قَالَ في كُلِّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ اللهُ لا إلَه إلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمُ - سَبْعَ مَرَّاتٍ - كَفَاهُ اللهُ مَا أهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ".

وقالَ: "سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أنْ يَقُولَ العبدُ: اللهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إلهَ إلَّا أنْتَ خَلَقْتَنِي وَأنَا عَبْدُكَ، وَأنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُنُوبَ إلَّا أَنْتَ، مَنْ قالَهَا حِينَ يُصْبِحُ موقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ".

وقال: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: "سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ - مِائَةَ مَرَّةٍ - لَمْ يَأْتِ أَحدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلَّا أحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، أوْ زَادَ عَلَيْهِ".

وَقَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ عَشْرَ مَرَّاتٍ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ الله لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ بها عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، وَكَانَتْ كَعِدْل عَشْر رِقَابٍ، وَأَجَارهُ اللهُ يَوْمَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَإِذَا أمْسَى فَمِثْلُ ذلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ".

وقال: "مَنْ قَالَ حِيْنَ يُصْبِحُ: لا إلَه إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، في الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدلَ عَشْر رِقَابٍ، وَكُتِبَ لَهُ مائةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْ مِائَةُ سَيِّئَة، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذلِكَ حتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْهُ".

وكانَ ﷺ إذَا استجدَّ ثوبًا سمَّاه باسمه، عِمامةً، أو قميصًا، أو رِدَاءً، ثمَّ يقول: "اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أسْأَلُكَ خَيْرَهُ، وَخَيْرُ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ"، حديث صحيح.

ويُذكر عنه أنَّه قال: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي كَسَانِي هذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلا قُوَّة، غَفَرَ الله له مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

وصحَّ عنه أنَّه قال لأُمِّ خالد لمَّا ألبسها الثوب الجديد: "أبْلِي وَأَخْلِقِي، ثمَّ أبلي وأخلقي - مَرَّتَيْنِ".

وفي سنن ابن ماجه أنَّه ﷺ رأى على عُمَر ثوبًا فقالَ: "أَجَدِيدٌ هذَا، أمْ غَسِيلٌ"؟ فَقَالَ: بَلْ غَسِيلٌ، فقالَ: "الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، ومُتْ شَهِيدًا".


زاد المعاد في هدي خير العباد - الجزء الثاني
زاد المعاد في هدي خير العباد - الجزء الثاني
ابن قيم الجوزية
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00