• "الإيمان بالله يعني الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى، وبوحدانيّته في الألوهيّة والربوبية، والأسماء والصفات التي وصف بها نفسه في القرآن الكريم، أو وصفه بها رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم".

 

  • "إذا سلَّم الإنسان بأنّ ملكوت كلّ شيء لله، هو المدبِّر فيه وحده، وهو الذي يُجير بقوّته ولا يُجار عليه، لأنّه صاحب العظمة والسلطان، بدهيّات لا يملك عقل أن ينكرها، وإجابة هذا السؤال الوارد في سورة الطور: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) [الطور : ٣٥ ] وهو سؤال مُسكت مُلجم يتحدّى كلّ منكر".

 

  • " الله الذي عرفتموه، وعرفتم أنّه هو الذي يرزقكم من السماء والأرض، ويملك سمعكم وأبصاركم، ويخرج الحيّ من الميّت، ويخرج الميّت من الحيّ، ويدبّر الأمر، هو ربّكم الحقّ، لا ربوبيّة لغيره، فكيف تتَّجهون إلى غيره؟ كيف تحيدون عن الحقّ الواضح فتضلّون؟

 فإنَّ من تجاوز الحقَّ فليس أمامه سوى الضلال".

 

  • " كيف يُمكن للفطرة أن تنكل عن الشهادة؟ والكون حولها بكلّ ما فيه يحاصرها ويردّها إلى الحقيقة؟ كيف تواجه الفطرة أمر الخلق؟ كيف تحلّ المشكلة إن لم تقرّ بوجود الله؟ كيف إذن تمّ هذا الخلق الذي تدركه الحواسّ ولا سبيل إلى إنكاره؟"

 

  •  السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والكواكب، وكلّ ما على الأرض من شيءٍ بما فيه الإنسان نفسه؟ 

كيف تمّ؟ بغير خالق؟ هكذا من العدم؟! ثمّ كيف انتظم بعد أن تمّ؟ ثمّ كيف حافظ على نظامه كلّ تلك الملايين من السنين، التي لا يحصيها العقل البشريّ، دون أن يحدث في نظامه خلل أو اضطراب؟!

هل يتمّ ذلك كلّه بغير خالق؟! هل يتقبَّل العقل هذا القول، حتَّى إن ضلّ هذا العقل وسار في الظلمات؟".

 

  • "وقت الشدّة البشر قد تقطَّعت بهم الأسباب، وتعلَّقت نفوسهم بقدر الله، علموا أنّه لا منقذ لهم ممَّا هم فيه من الكرب إلَّا رحمة الله، فالكرب أكبر من قوَّتهم، وهم عاجزون إزاءه، والإنسان يطغى ويستكبر وهو يحسّ بالقوّة، فيعتقد أنَّه لن ينهزم أمام شيء!

فإذا رأى قوّته تتضاءل وتتضاءل حتَّى يدركها العجز، ورأى الكرب يشتدّ حتَّى لم تعد له به قوّة، عندئذ يرى نفسه على حقيقتها،

 ويزول عنه الكبر المزيف والطغيان، ويلجأ إلى القوّة الحقيقيّة: قوّة الله، موقنًا أنَّها هي وحدها التي تنقذه، وأنّ كلَّ ما عداها هباء".

 

  • "لقد بلغنا من التقدّم درجة تكفي لأن نوقن بأنَّ الله قد منح الإنسان قبسًا من نوره".

 

  • "والذي نراه اليوم في الجاهليّة المعاصرة هو مصداق ذلك القول، فلأيّ شيء يسعى الناس، وعلى أيّ شيء يتصارعون؟ مطالب الجسد ومتاع الجسد وشهوات الأرض، وفي النهاية يفقد الإنسان إنسانيّته ويعود كالحيوان، بل أسوأ من الحيوان. 

 

  • "حين يعلم الإنسان أنّ كلّ عبادة يتقرّب بها الإنسان إلى الله، وكلّ عملٍ طيّب يعمله، وكلّ لفظة خيّرة يتلفّظ بها، تحملها الملائكة من توّها إلى الله في عليائه، تقول له: (وهو المطلع على كلّ شيء)، إنّ عبدك فلانًا يتقرّب إليك، إنّ عبدك فلانًا يذكرك ويثني عليك، إنّ عبدك فلانًا يحمدك ويشكرك، إنّ عبدك فلانًا قد أحسن إلى عبدٍ من عبادك، إنّ عبدك فلانًا قد دعاهُ الشيطان إلى الشرّ فلم يجبه.

حين يعلم ذلك كلّه، ألا يحب أن تُكثر الملائكة من ذكره عند الله بالخير، فيُكثر من صالح الأعمال؟".

 

  • "يكفي أن يستشعر المؤمن في قلبه أنَّ الله يخاطبه هو شخصيًّا بهذا القرآن، رجلًا كان أو امرأة، فتًى كان أو فتاة، وأنَّ الله في عليائهِ ينظر في شئون البشر الذين خلقهم، فلا يتركهم ضياعًا، ولا يتركهم سُدًى، إنَّما يرسل لهم الهدى والنور، ويتعهّدهم بالرحمة والفضل"

 

  • "إنَّ شخصية الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم هي أعظم شخصيّة في تاريخ البشريّة كلِّه، لا بالنسبة للعظماء من البشر فقط، بل بالنسبة للأنبياء والرسل كذلك، بما فيهم الرسل أولو العزم"

 

  • "إنَّما الإيمان الحقيقيّ لا بدَّ له من مظهر سلوكيّ واقعيّ، يتلخَّص في شهادة أن لا إله إلَّا الله، وأنّ محمَّدًا رسول الله، أي المُبلّغ من عند الله بالحقّ، وإنّ التصديق بما جاء به الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم من عند الله، له مقتضى لا بدَّ أن يُرى في واقع الحياة، ومقتضاه هو السلوك الفردي والجماعيّ وفق شريعة الله، فأمَّا الفرد فينبغي أن يلتزم بما أمره به ربّه وما نهاه عنه، وأمَّا الجماعة فينبغي أن تُحكّم شريعة الله، وتقوم على هذا الأمر بجهدها كلّه، وترفض أن تحكم بغير ما أنزل الله".

 

  • "وحين يؤمن الإنسان باليوم الآخر إيمان اليقين، تُحسم القضيّة في حِسّه حَسمًا كاملًا وتستقرّ الأمور. فكلّ نعيم في الدنيا لا يقاس إلى نعيم الآخرة، ولا يُساوي من جهة أخرى غَمسةً واحدةً في العذاب من أجله، وكلّ عذاب في الدنيا (في سبيل الله) لا يُقاس إلى عذاب الآخرة، ولا يُوازي من جهة أخرى، غَمسةً واحدةً من أجله في النعيم".

 

  • "وانظر إلى الذين يخشون، في دخيلة أنفسهم، غضبة الذين يُعظّمونهم من ولاة و شيوخ وعظماء، ولا يخشون غضب الله، والذين يعتقدون فيمن يُعظّمونهم أنّهم أقرب ضرًّا لهم ونفعًا من الله، سواء كانوا ملوكًا أو علماء أو رُؤساء".

 

  • "قد يكون العمل في أصله مُوجَّهًا إلى الله، ولكن يدخل معه في أثناء أدائه حبّ السمعة، والسعي إلى نيل المديح من الناس، فيكون شركًا كذلك".

 

  • "المؤمن على يقين من تلك الكلمة التي يُردّدها في كلّ صلاة (الله أكبر ، الله أكبر) من كلّ شيءٍ ومن كلّ أحدٍ، ومن ثمّ يحسّ المؤمن الذي تعلّق قلبه بالله، أنّه عزيزٌ بتلك القوّة المستمدّة من العبوديّة الحقّة لله الحقّ".

 

  • "إنَّني أعتقد أنّ كلَّ خليّة من الخلايا الحيّة، قد بلغت من التعقّد درجة يصعب علينا فهمها، وأنَّ ملايين الملايين من الخلايا الحيّة الموجودة على سطح الأرض، تشهد بقدرته شهادة تقوم على الفكرة والمنطق، ولذلك فإنِّي أؤمن بوجود الله إيمانًا راسخًا".

 

  • "ولقد مر على المسلمين في انحرافهم التدريجيّ، وقت أصبح الدين فيه معنًى قلبيًّا وجدانيًّا، لا صلة له بالواقع، ويقول الواحد منهم لا تحكم عليّ بظاهر أعمالي، فأنا مؤمن في داخل قلبي وهذا يكفي، والله هو المطلع على خفايا القلوب.

 

  • من أين جاءوا بهذا التصوّر المنحرف لحقيقة الدين؟ إنَّه أشبه شيء بالمفهوم الكنسيّ الغربيّ: "الدين علاقة بين العبد والربّ ومحلّهُ القلب، أي لا صلة له بواقع الحياة، وإنَّما هو مشاعر وجدانيّة داخل القلب فحسب".

 

  • "الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم هو صفوة الأنبياء جميعًا وصفوة الخلق، ولقد كان صمته في مجالس قريش، مع حكمته ورجاحة عقله حين يتكلَّم، مثار إعجاب قريش كلَّها وموضع تقديرها واحترامها، حتَّى كانوا يستشيرونه في أمورهم كما يُستشار الشيخ المحنَّك، ويرضون بحكومته فيما يحتكمون إليه من أمور".

 

  • "قد تحقّق معنى الإسلام في هذه الأمّة بأكثر ممَّا تحقَّق في أيّ أمّة من قبل، حتَّى استحقَّت أن يصفها الله بقوله سبحانه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) [آل عمران : ١١٠]".

 

  • "الأحداث التي تجري في الكون وفي حياة الإنسان، من فرح وحزن، وضحك وبكاء، وفقر وغنًى، وصحّة ومرض، وموتى يموتون، من ذا الذي يُحدثها ويدبّرها إلَّا الله مدبّر كلّ شيء في هذا الكون؟! وكثير من الأمور، وكثير يلقي تأثيره على القلب البشريّ، فيستيقظ لحقيقة الألوهيّة، يعرف أنَّ الله موجود، وأنَّه واحد لا شريك له، وأنَّه سبحانه متفرِّد بالكمال والقدوة، وبالجلال والعظمة، فيكون على الفطرة السويّة، ويكون كما خلقه الله في أحسن تقويم: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين : ٤] ".

 

  • "حين نتدبّر القرآن فستّتضح لنا معانٍ عدّة، ينبغي أن نكون على وعيٍ منها:

القرآن هو منهج التربية الإسلاميّة، وهو كتاب الشريعة المنظّمة لحياة البشر على الأرض، ومنهج حياة كامل، ومرشد السالكين في رحلة الحياة، و يدعو إلى تدبر آيات الله في الكون، وتدبر السنن التي تحكم حياة الإنسان ومعرفة الأحداث التاريخيّة الكبرى".

 

  • "حين يعلم الإنسان أنّ الله هو الواحد القهار (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [ص : ٦٥]

ألا يمتلئ قلبه رهبة من الله، الذي يقهر بسلطانه كلَّ شيء، والذي تستجيب السماوات والأرض لقهره، فلا تملك أن تخرج على طاعته، والذي لا يتمّ في الكون كلّه إلَّا ما يشاء؟

  وهكذا .. وهكذا .. كلَّما علم صفة من الصفات ازداد معرفة بالله، وازداد طاعة وتقرُّبًا إلى الله".

 

  • "إنَّ للإيمان باليوم الآخر أهميّة بالغة في حياة الإنسان وآثارًا عميقة، ونستطيع أن نفهم على ضوء هذه الحقيقة، كيف أنّ القرآن ربط في كثيرٍ من المواضع بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، فيجيئان متتاليين ومترابطين سواء في الإثبات أو النفي.

(يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [آل عمران : ١١٤]".

 

  • "ومن وسائل ثبيت الإيمان في النفس البشريّة، التذكير الدائم بعظمة الله التي لا تُحدّ، وأنَّ الله مع الإنسان يراه ويراقبه ويحصي عليه أعماله، ثمَّ يحاسبه عليها يوم القيامة، و يُوجّه القرآن القلب البشريّ إلى ذكر الله دائمًا في حالة السرَّاء والضرَّاء، و يرسم القرآن صورًا محبَّبة للمؤمنين وصفاتهم، وما ينتظرهم من الجزاء في الآخرة مخلَّدين في الجنات، وصورًا كريهة منفّرة للكافرين وصفاتهم، وما ينالهم من العذاب يوم القيامة".

ركائز الإيمان
ركائز الإيمان
محمد قطب
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00