الفصل الحادي عشر: التكيف

هناك العديد من الطرق التي تؤدي إلى فشل المشروع الناشئ. منها أنّ بعض رواد الأعمال لا يتحملون البيروقراطية إلى الحد الذي يجعلهم لا يرغبون في توسيع نطاق الإدارة مع نمو الشركة. وعلى العكس، قد تغرق شركات أخرى في البيروقراطية إلى الحد الذي يجعلها عاجزة عن العمل.

وفي بعض الأحيان يتحرك فريق العمل بسرعة كبيرة مما يؤدي إلى تدهور الجودة. نعم. يمكن للسرعة أن تؤثر سلبًا على الجودة إذا سمحتَ لها بذلك. لا تفعل ذلك.

وقد يلجأ بعض رواد الأعمال في سعيهم لإطلاق المنتج القابل للتطوير، إلى القيام باختصارات تضر بالجودة. لكن حلقة البناء والقياس والتعلم ليست السبب. فهي عملية مستمرة، ويجب أن تكون قادرًا على الحفاظ على معايير الجودة التي يتطلبها منتجك طوال هذه الدورة. لذلك، فالاختصارات في الجودة والتصميم غالباً ما تؤدي إلى مشاكل مستقبلية.

قد يكون المستخدمون الأوائل متسامحين مع بعض العيوب الصغيرة المتعلقة بمنتجك، ولكن في النهاية، ستحتاج للانتقال للسوق الرئيسي وهذا السوق لا يتسامح مع العيوب.

إن إحدى الطرق لتنظيم السرعة هي استخدام طريقة "لماذا، خمس مرات". هذه الطريقة تدفعك إلى طرح السؤال "لماذا؟" خمس مرات، ومع كل تكرار منها، تتعمق أكثر في جِذْر المشكلة. وستجد أن وراء كل مشكلة تقنية توجد مشكلة بشرية. وبمجرد فهم سبب المشكلة، عليك أن تحاول إصلاحها.

ولكن بطبيعة الحال لا يمكنك استخدام كل مواردك على كل مشكلة صغيرة. فإذا كانت المشكلة كبيرة، فيجب أن تكون على استعداد لاستثمار موارد كبيرة لإصلاحها. ولكن إذا كانت مجرد مشكلة صغيرة، فلا تدعها تلتهم وقت وطاقة الجميع.

إن الهدف من الأسئلة الخمسة هو تحليل المشكلة بموضوعية، وليس من أجل استخدامها كوسيلة لتوجيه اللوم لأحدهم.

إذا ارتكب فرد من فريق العمل خطأ، فإن الإدارة بشكل أساسي كانت متواطئة، لأنها المسؤولة عن الأنظمة التي سمحت بالخطأ أو شجعته. يجب أن تعقد اجتماعات الأسئلة الخمسة مع جميع الأطراف المعنية لفهم سبب المشكلة. فقط لا تستخدم هذه الطريقة لتحليل مشاكل قديمة. ركز على المشاكل الجديدة.

وأخيرًا، فعلى المنظمة أن تكون قادرة على التفكير بسرعة، وأن تكون متكيفة مع التغيرات.

 

الفصل الثاني عشر: الابتكار

لا يقتصر الابتكار على الشركات الناشئة الصغيرة فحسب. فالشركات الأكبر سناً والأكبر حجماً قد تجني فوائد الابتكار أيضاً، ولكن يتعين عليها أن تجري بعض التحولات الواعية في ثقافتها. وتتمتع الشركات الناشئة بميزة امتلاك بعض الصفات الضرورية المتضمنة بالفعل في ثقافتها.

هناك هياكل وخصائص تنظيمية معينة تسهل الابتكار. ورغم أن هذه الصفات ليست موجودة في الشركات الراسخة، فمن الممكن أن تعمل مثل هذه المنظمات على تسهيل هذه العملية.

يجب أن يكون لدى فرق الشركات الناشئة داخل الشركات الراسخة موارد محدودة ولكن آمنة. فالشركات الناشئة لا تحتاج إلى الكثير من المال، لكنها تحتاج إلى دخل ثابتٍ، والثقة التي تأتي معه. كما ينبغي أن تكون هذه الفرق مستقلة، وأن تتمكن من إجراء العديد من التجارب، بدون الحاجة إلى الحصول على إذن لكل خطوة تتخذها.

يجب أن تتكون هذه الفرق من أفراد من جميع الأقسام والوظائف ذات الصلة بالشركة، حتى لا يضطر الفريق إلى قضاء وقت إضافي في البحث عن الخبراء الذين يعملون بالفعل مع الشركة والتشاور معهم.

وأخيرا، لابد أن يكون للمبتكرين حصة في النتائج. ففي الشركات الناشئة، عادة ما يكون للمبتكرين خيارات الأسهم أو أي شكل آخر من أشكال الملكية، ولكن لا يلزم أن تكون ملكية مالية. وقد يكون التقدير حافزاً قوياً، وإذا علم المبتكرون أن اسمهم سوف يرتبط بمنتج ما، فمن المرجح أن يشعروا بإحساس قوي بالملكية.

لقد قيل الكثير عن حماية الشركات الناشئة الداخلية من المنظمات الأم، ولكن لم يُقال الكثير عن حماية المنظمات الأم من الشركات الناشئة. ففي بعض الأحيان يكون هذا مهمًا. فعلى سبيل المثال، إذا أراد فريق الشركة الناشئة تجربة أسعار مختلفة، فقد يؤثر ذلك سلبًا على أعمال الشركة الأم، التي من المفترض أن توفر الاستقرار لجميع الفرق التابعة لها.

من الضروري حماية النشاط الأساسي للشركة، ولكن فصل فريق الابتكار عن الشركة الأم بشكل كامل ليس حلاً. فالشركة التي تخفي فريق الابتكار الخاص بها تدعو إلى سياسات سلبية. والسرية تؤدي إلى انعدام الثقة.

والحل الأفضل هو إنشاء بيئة اختبار حيث يمكن للمبتكرين تجربة أفكار جديدة. ومن المهم وضع قواعد أساسية محددة، على سبيل المثال، "يجب أن يتابع فريق واحد التجربة بأكملها من البداية إلى النهاية. ويجب أن تكون المنتجات الموجودة في بيئة الاختبار حقيقية، ولكنها لا تُتاح إلا لأسواق صغيرة للغاية ومحددة جيدًا، على الأقل في البداية.

يتعين على الشركات إدارة أنواع مختلفة من العمل مع مرور منتجاتها المختلفة بدورات النمو الخاصة بها. فالشركة الناشئة المتنامية لديها عملاء جدد وأسواقا جديدة، ومنتجها يكتسب رؤية وانتشارًا.

وبمجرد إنشاء سوق للمنتج، تصبح الإجراءات روتينية؛ وتعمل التحسينات والترقيات على دفع النمو المستدام. أما المنتجات القديمة يتم التعامل معها من خلال التعهيد (وهو إعطاء العمل لشركات أخرى)، والأتمتة (وهو استخدام التكنولوجيا) وتدابير تقليل التكاليف.

يميل الموظفون إلى التحرك مع المنتجات مع تقدمها في النظام، مما قد يضع المنتجات الجديدة في وضع غير مناسب، حيث يلتزم العديد من أفضل الموظفين بالمنتجات التي أصبحت راسخة. ومن الأفضل أن يكون لدينا فِرَقًا متعددة الوظائف تركز كل منها على مراحل مختلفة من دورة النمو. ومع تقدم عمر المنتج، يتم نقله من فريق إلى آخر.

 

الفصل الثالث عشر: الخاتمة

كان Frederick Winslow Taylor من دعاة الكفاءة الذين حزنوا على الإنتاجية الضائعة والهَدْر.

وقد كتب مبادئ الإدارة العلمية في عام 1911، ورغم أن بعض أفكاره تبدو قديمة الطراز وغير مفيدة اليوم، إلا أن البعض الآخر يبدو معاصرًا بعض الشيء.

إننا في احتياج إلى حلول جديدة لمشاكل اليوم، ولكننا ما زلنا قادرين على تقدير نهجه المنهجي والعلمي المبكر في الإدارة.

نحن نقوم بالكثير من الأشياء بشكلٍ خاطئ. لأننا لسنا على قدر كبير من الكفاءة؛ بل إننا نتسبب في كل أنواع الهدر.

والأمر لا يتعلق ببذل المزيد من الجهد، بل بالعمل على الأشياء الصحيحة.

ففي بعض الأحيان تكون مجموعات العمل فعالة، ولكنها تؤدي إلى الأشياء الخطأ، وفي أحيانٍ أخرى، يعمل الناس بجد في القيام بالأشياء الخطأ.

نحن دائمًا في حاجة إلى التجربة للتأكد من أننا نعمل على الشيء الصحيح. والمنهج العلمي هو المعيار الذهبي للتعلم من خلال البحث، وهو ما تستخدمه حركة الشركات الناشئة الرشيقة لتطوير المنظمات بشكلٍ أفضل.

ومدير الشركات الناشئة هو مهندس أنظمة، حيث يتكون النظام من بشر. في بعض الأحيان يركز الناس على النظام لدرجة أنهم يفقدون رؤية الجانب البشري من المعادلة. الناس هم مصدر الابتكار. من المهم ألا تنشغل كثيرًا بالحفاظ على النظام بحيث تصبح المنظمة متصلبة بشكل مفرط.

ولكن احذر من العلوم الزائفة، والكلمات الطنانة، والصيحات الرائجة. وتَمَسّْكْ بالطريقة المتبعة، وتعامل مع الابتكار بطريقة علمية. ورغم عظمة طريقة Lean Startup، فإنها مجرد بداية لما يمكن إنجازه من خلال تطبيق الطريقة العلمية في إدارة الابتكار.

ولا يزال أمامنا الكثير لنتعلمه.


الشركات الريادية الرشيقة
الشركات الريادية الرشيقة
إريك ريس
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00