الفصل الثالث: التَّعَلُّم

إن الالتزام بالخطة، والقيام بعمل جيد، والالتزام بالميزانية، هي ممارسات يقيس بها الناس التقدم، ولكن مع ذلك، فإن الالتزام الصارم بكل ما سبق لا يضمن أن العملاء سوف يشترون منتجك.

هناك ممارسة مهمة أخرى، وهي التعلم من الأخطاء. فكثيراً ما يقول الناس إنهم يتعلمون من الأخطاء، فيقولون حينها: "على الأقل تعلمت شيئاً"، ولكن ربما تكون هذه مجرد طريقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موقف ما؛ أو ربما يقولون ذلك حفظًا لماء الوجه، ولكنها للأسف غالبًا ما تكون مجرد عذر كبير.

لذا، تَعَلَّمْ من الأخطاء حقاً. وادرس الخطأ بشكل منهجي ونقدي.

ولكن هناك مشكلة بخصوص مسألة التعلم من الخطأ، وهو أنّه يستغرق وقتاً، وهو ما يُنظَر إليه في عالم الأعمال باعتباره مضيعة للوقت.

ففي بعض الأحيان يكون من الأسهل جمع الأموال عندما لا يكون لديك مبيعات أو إيرادات. فإذا كان لديك كمية صغيرة من المبيعات، قد يتساءل الناس لماذا لا يوجد المزيد. وقد يرون الأرقام الضئيلة كعلامة على الفشل.

ولكن عندما لا يكون لديك أية مبيعات أو إيرادات، حينها يمكن للناس أن يتخيلوا الإمكانات المحتملة للنجاح السريع.

هذا الواقع قد يدفع الناس إلى تأجيل الحصول على أي أرقام دقيقة، لكن هذا خطأ فادح. فكلما تمكنت من الحصول على بيانات حول ما يعتقده عملاؤك، في أقرب وقتٍ، كلما تمكنت من تحسين منتجك في وقت أقربٍ، وكلما قل الهدر الذي ستتكبده في عملية التطوير.

بالطبع، لا يمكنك إطلاق المنتجات على عجل. بل يتعين عليك أن تكون قادراً على رصد مقاييس المستهلكين، وتحليلها، والتعلم منها، وتغيير المنتج استجابة لذلك، ثم المحاولة مرة أخرى. وبهذه الطريقة يمكنك الحد من أي خسارة قد تنجم عن التعلم من الأخطاء. وهذا هو الطريق إلى النجاح الأكثر أماناً من أي حملة تسويقية.

في الشركات الناشئة، هناك العديد من الأمور المجهولة. والتعلم أمر ضروري لتطورها، لذا تحتاج الشركات الناشئة إلى قياس نوع مختلف من القيمة بخلاف مجرد تقديم فائدة للعميل.

التعلم المُوثَّق هو نظام لإظهار التقدم في بيئة فوضوية ومتغيرة. إنه سريع وسهل. كما أنه مدعوم ببيانات تجريبية مُستقاة من عملاء حقيقيين.

وفيما يلي بعض التكتيكات فيما يخص هذه الجُزئية:

أولًا: يجب على الشركة إطلاق نموذج أولي للمنتج، على أن يكون منخفض الجودة.

ثانيًا: فرض رسوم على العملاء منذ اليوم الأول.

ثالثًا: وضع أهداف منخفضة للإيرادات، لضمان التزام الفريق بها.

كل هذه تقنيات جيدة، لكن كل حالة منها مختلفة، وسيتطلب العمل عليها استراتيجيات مختلفة.

والشيء الأهم من كل ذلك، هو معرفة ما يُريده العميل. فكل ما لا يُضيف قيمة حقيقية للعميل يُعد بلا فائدة.

لا تهتم بالاستطلاعات، ولكن اُحْصُل على بيانات تجريبية، وقم بإجراء الكثير من التجارب.

 

الفصل الرابع: التجربة.

ينبغي النظر إلى إطلاق منتج جديد على أنه يشبه إلى حد كبير إجراء تجربة علمية. وكما هو الحال مع أي تجربة جيدة، ينبغي تصميم إطلاق المنتج بعناية.

ضع فَرْضِية ما؛ واختبر التوقعات.

إن اختبار توقعاتنا بشكل مباشر يمنحنا قدرًا كبيرًا من المعلومات. والافتراضان الأكثر أهمية هما فَرْضِية القيمة وفَرْضِية النمو.

تسأل فَرْضِية القيمة: هل يقدم المنتج قيمة للعميل؟

وأفضل طريقة للإجابة على هذا السؤال هي من خلال التجريب.

اختبر فَرْضِية النمو لمعرفة كيف يكتشف العملاء المنتج الجديد، ثم اختبر السلوك لمعرفة ما إذا كانت افتراضاتك صحيحة.

عليك أن تُجرب باستخدام منتجات حقيقية حتى يكون لديك بداية جيدة إذا نجحتْ التجربة.

وبحلول الوقت الذي يصبح فيه المنتج جاهزًا للتوزيع على نطاق أوسع، سيكون لديه بالفعل قاعدة من العملاء الراسخين، والذين سيقومون بردود فعل على المنتج، وهو ما يُساعد رواد الأعمال على التعلم من هذا في الإصدار التالي من المنتج.

في النهاية، كل شيء هو مجرد تجربة.

ولكن قبل أن تبدأ في تطوير المنتجات بشكل عشوائي، هناك بعض النقاط التي يجب أن تأخذها في الحسبان. إذا لم يعتقد المستهلكون أنهم بحاجة إلى منتجك، فلن يشترونه. وحتى إذا كانوا يعتقدون أنهم بحاجة إلى حل لمشكلة معينة، فقد يفضلون منتجًا منافسًا على منتجك. وحتى إذا كنت متأكدًا من أنهم سيرغبون في شراء منتجك، يجب أن تكون قادرًا على تطويره بشكل فعّال. في بعض الأحيان، يفضل المطورون الانطلاق مباشرة في تنفيذ فكرتهم الرائعة دون التأكد أولًا مما إذا كان هناك من سيشتريها.

إن حلقة "البناء، القياس، التعلم" Feedback Loop ،تشكل أهمية بالغة. فلابد أن تبدأ من نقطة ما، لذا ابدأ بالمنتج الأدنى القابل للتطبيق. فهذه هي النسخة الأساسية التي يمكن أن تمر بدورة البناء والقياس والتعلم. ثم يحين بعد ذلك وقت تقييم الاستراتيجية وربما تغيير المسار.

والتخطيط هو استراتيجية مفيدة فقط بقدر ما يمكن التنبؤ بالمستقبل. ففي عالم غير مستقر ومتغير، تكون الميزة لأولئك القادرين على تغيير المسار حسب الحاجة.

وهناك عددٌ كبير من دراسات الحالة التي أظهرتْ كيف ساعدت التجارب الشركات على تحسين منتجاتها. ومن بين هذه الحالات:

Zappos، وHewlett Packard، وKodak Gallery، وVillage Laundry Services، وحتى مكتب حماية المستهلك الفيدرالي. 


الشركات الريادية الرشيقة
الشركات الريادية الرشيقة
إريك ريس
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00