ليس من السهل دائمًا تحديد الأنشطة التي تخلق قيمة والأنشطة التي تسبب هدرًا، لذلك فأنت تحتاج إلى معرفة من هم عملاؤك، وما يريدونه، وكيفية الاستماع لهم، وكيف تخطط لتنمية أعمالك.
كلما كان من الممكن الإجابة على هذه الأسئلة في وقت أقرب، كان ذلك أفضل.
إنّ حجم الدُفْعَات الصغيرة أفضل للشركات الناشئة، إذ أنها تحقق كفاءة أعلى، وتقلل من التكاليف وحجم العمل، كما تقلل المخاطر.
قد يبدو هذا الأمر غير بديهي ولكنه صحيح. فالشركات الكبيرة المستقرة يمكن أن تستفيد من اقتصاديات الحجم. ولكن الدُفْعَات الكبيرة تشكل عبئًا على الشركات الناشئة التي يجب أن تكون سريعة في مواجهة التغيير السريع كما أنّ الدُفْعَات الصغيرة تجعل من السهل اكتشاف المشاكل المتعلقة بالجودة.
وما هو أكثر أهمية من الكفاءة الناتجة عن الدُفْعَات الصغيرة، هو أنها تقصر دورة التعلم. فبالنسبة للشركات الناشئة، يوفر التعلم السريع ميزة تنافسية. ويؤثر الإنتاج الضخم على كل شيء، بما في ذلك التعليم. حيث يمكن مساواة أحجام الدُفْعَات الكبيرة بحجم الفصول الدراسية الكبيرة. (هناك مدارس تتحدى هذه الديناميكية بأحجام فصول دراسية صغيرة تمكن المعلمين من التجربة وتحديد الحلول التعليمية).
إن الدُفْعَات الكبيرة من المنتجات تخلق كل أنواع المشاكل. فإذا تسبب أي شيء في إبطاء العملية، فإن التأخيرات والانقطاعات تؤثر على الجميع في نهاية المطاف. وتدخل بعض الشركات في دوامة الموت، فتسعى إلى إنتاج دُفْعَات أكبر وأكبر، لكنها تفشل في النهاية.
في الشركات القائمة، يحفز الطلب الإنتاج. أما في الشركات الناشئة، فلا يوجد طلب من الأساس. بل يحدث الإنتاج عندما تكون هناك فَرْضِية تريد اختبارها. وبمجرد صياغة فَرْضِية، ينبغي لفريق تطوير المنتج أن يصمم منتجًا لاختبارها.
ورغم أن العملية تسمى البناء والقياس والتعلم، فإنك في الواقع تقوم بالتخطيط بالترتيب المعاكس.
ولكي تقوم بالأمر بشكلٍ صحيح، أولاً، حدد ما تريد تَعَلُّمُه، ثم حدد كيف ستقيسُ ذلك. وبعد ذلك فقط، قم بتصميم المنتج بما يتناسب مع ما تريد تَعَلُّمُه.
إن محرك النمو هو الوسيلة التي تحقق بها الشركات الناشئة النمو المستدام. وكلمة المستدام هنا تعني أي مصادر نمو طويلة الأجل ولا تعتمد على عوامل مؤقتة.
هناك عدة طرق لتحقيق هذا النمو المستدام. على سبيل المثال، يقود العملاء السابقون النمو المستدام من خلال التسويق الشفهي، عندما يتحدثون عن المنتج ويعطون الأصدقاء انطباعات إيجابية عنه.
كما ينتج النمو المستدام عندما يرى الناس الآخرين يستخدمون المنتج، فمثلا عندما يبدو شخصٌ ما رائعًا بزيٍ مُعين، نصبح أكثر ميلًا لشرائه.
ويمكن للإعلان التقليدي أيضًا تحفيز النمو، بشرط أن تكون تكاليف الإعلان أقل من الربح المكتسب من المبيعات الإضافية.
وأخيرًا، يمكن تحقيق النمو المستدام من خلال عمليات الشراء المتكررة، كما هو الحال مع المنتجات اليومية، كالمصابيح الكهربائية أو ورق التواليت. أما إذا كان عملك هو بيع اليخوت الفاخرة، فلن يكون الأمر كذلك.
تُستخدم هذه الديناميكيات لتغذية محركات النمو المختلفة، وكل نوع من هذه المحركات يقدم إطارًا محددًا مع مقاييس واضحة للتركيز عليها:
أولا: محرك النمو الثابت: تعتمد محركات النمو الثابتة على تكرار العديد من الأعمال. ويتعين على الشركات الناشئة أن تُوَلِّي اهتمامًا كبيرا بمعدلات فقدان العملاء، أو النسبة المئوية للعملاء الذين يتوقفون عن استخدام المنتج. وإذا كان بوسع الشركة اكتساب عملاء جدد بشكل أسرع من خسارتهم، فهذا يعني أنها تنمو. ويمكن رسم مخطط لمعدل النمو وِفقًا لذلك.
ثانيا: محرك النمو الفيروسي: يتمثل في تعرض الناس للمنتج نتيجة لاستخدام العملاء الحاليين له. لا يكون العملاء بالضرورة يهدفون إلى نشر المنتج، لكن هذا ما يحدث فعليًا. يتم تشغيل هذا المحرك من خلال حلقة البناء والقياس والتعلم، ويُقاس إنتاجه بمُعامِل الانتشار (viral coefficient). وكلما كان المُعامِل أعلى، زادت سرعة انتشار المنتج. حتى التغيرات الطفيفة في مُعَامِل الانتشار يمكن أن تؤدي إلى تأثير كبير على منحنى النمو.
ثالثا: محرك النمو المدفوع: يعتمد على الأساليب التقليدية مثل الإعلانات. ومن المهم أن تكون تكلفة جذب عميل جديد أقل من الأرباح المحتملة التي يمكن تحقيقها منه. وهناك طرق أخرى للدفع من أجل النمو بجانب الإعلانات، مثل توظيف فريق مبيعات أو الاعتماد على حركة المرور في المتاجر. الهدف الأساسي هنا هو زيادة الإيرادات من العملاء أو خفض تكلفة جذبهم.
وتستطيع الشركات الراسخة تشغيل أكثر من محرك نمو في الوقت نفسه. أما الشركات الناشئة، فمن الأفضل لها التركيز على محرك واحد فقط في كل مرة، مما يجعل عملية الاختبار واتخاذ القرارات أكثر سهولة.