الفصل التمهيديّ

أهمية البحث في إخراج جيل صلاح الدّين وحركات الإصلاح التي أخرجته

 

كثيرًا ما يتمُّ التدليل على أهميّة الروح الإسلاميّة في مواجهة التحديّات التي تواجه المسلمين اليوم، بانتصارات صلاح الدين، وهو ما يقود إلى استنتاج أنّ ما تحتاجه الأمّة في معاركها اليوم مع التخلّف الذي في الداخل، والقوى الطامعة فيها من الخارج، هو قائد مُسلم، يستلهم روح الجهاد ويُعبِّئ الصفوف ويعلن المعركة. 

المشكلة أنّ هذا الفهم يصرف الأنظار بعيدًا عن الأمراض الحقيقية التي تنخر في جسم الأُمّة من الداخل فتُضعفها، والأَولى أن نعالج هذا الضعف نفسه حتى تَشفى الأُمّة من أمراضها، فيُمكنها بعد ذلك التغلُّب على أيِّ خطر خارجيٍّ.

 كما أنّ هذا الفهم، يُوجّه إلى العمل الفرديّ ويحول دون العمل الجماعيّ، ممَّا يؤدّي إلى استبعاد دور الأُمّة في المسؤوليّة ويُشيع التواكل على القيادات وحدها، ويبقى الجميع في انتظار المعجزة، وهي ظهور القائد المُخلّص الأشبه بالمهديّ المُنتظر.

لم يكن صلاح الدين في بدايته سوى خامة من خامات جيل جديد، مرّ في عمليّة تغيير غيّرت ما بأنفس القوم من أفكارٍ وقيمٍ وعاداتٍ، فانعكست آثار هذا التغيير على جميع أحوالهم السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة وغيرها، وحتى يكون التغيير مُثمرًا، حسبما يُشير القرآن الكريم، فإنّه يجب أن يبدأ التغيير في محتويات الأنفس أوَّلًا، ثمَّ يعقبه التغيير في ميادين الحياة المُختلفة، كما أنّ التغيير إلى الأفضل أو الأسوأ، لا يحدث إلَّا إذا قام القوم مجتمعين، بتغيير ما بأنفسهم، فإذا أحسنوا هذا التغيير التربويّ والفكريّ، سيتبعه التغيير المثمر في الحياة بشكلٍ عامّ.

 


هكذا ظهر جيل صلاح الدين
هكذا ظهر جيل صلاح الدين
ماجد عرسان الكيلاني
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00