•  "هل كان صلاح الدين ظاهرة فردية، وشخصية عبقرية مُعجزة برزت فجأة على مسرح الأحداث طاهرة مُطهرة من عوامل الضعف البشري؟ أم كان عيّنة لجيلٍ مثله، وثمرة مُقدمات وتغييرات قام بها القوم آنذاك وشملت الأمّة، ففجّرت فيها ينابيع العبقرية الجماعية، وهيأتها للتخلص من الخطر الذي أحاق بها، ونصبت من صلاح الدين ناطقًا رسميًا باسمها؟"

 

  • "فَكُن أحد رجلين إما مشغولاً بنفسك، وإما متفرغاً لغيرك بعد الفراغ من نفسك. وإياك أن تَشْتغِل بما يُصلِح غيرك قبل إصلاح نفسك". 

 

  • "إنّ فترات القوة والمنعة في التاريخ الإسلامي، إنما ولدت حين تزاوج عنصران هما: الإخلاص في النية، والصواب في التفكير والعمل".

 

  • "الذين قادوا عملية التغيير هم أناس عاشوا قسوة الأحداث، وتجرعوا مرارة التجارب والأخطاء والإغراق في الفكر والممارسات العملية، وذاقوا حلاوة الإصابة وخلصوا من ذلك كله إلى تغييرها بأنفسهم أولًا، ثم إلى بلورة تصورات معينة واستراتيجية خاصة، انتهت بهم إلى وجوب تكامل الميادين والتخصصات، وإلى تضافر جميع الهيئات والجماعات".

 

  • "كان ابن سينا تلميذًا لأرسطو ومتصوفًا في آنٍ واحد، وهذه الثُنائية جعلته رجلًا تتناقض فيه الآراء، فالبعض يعتبره تقيًّا كرّس نفسه للعبادة، بينما يؤكد آخرون أنّه كان مُنافقًا قنّع زندقته بقناعٍ من الصوفية الغامضة، وقديمًا نعته الذهبي بأنّه: "رأس الفلاسفة الإسلاميين الذين مشوا خلف العقول، وخالفوا الرسول". فردّ عليه ابن تغري بردي: "قلت: لم يكن ابن سينا بهذه المثابة بل كان حنفيّ المذهب، تفقّه على يد الإمام أبي بكر بن أبي عبد الله الزاهد الحنفي، وتاب في مرض موته، وتصدق بما كان معه، وأعتق مماليكه، وردّ المظالم على من عرفه، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة إلى أن تُوفي يوم الجمعة في شهر رمضان. ومن يمشي خلف العقول ويُخالف الرسول، لا يُقلّد الأحكام الشرعية ولا يتقرب بتلاوة القرآن العظيم". 

 

  • “لكل حالة من أحوال الحياة - سعادة كانت أم شقاء - زمنًا تحل فيه وآخر تنتهي عنده، وأزمانها هذه لا تتقدم ولا تتأخر، فمن طلب ضوء النهار بين العشائين لا يحصل عليه، بل إن ظلمة الليل تزداد حتى تبلغ نهايتها ويطلع الفجر ويحل النهار، ولو أنه طلب إعادة الليل بعد حلول النهار، لم تجب دعوته لأنه طلب الشئ في غير وقته فيبقى ساخطا، ومن شأن هذا القلق والسخط أن يفضي به إلى سوء الظن بالله والتخبط في معالجة الأقدار.”

 

  • “تتحقق قوة المجتمعات من خلال نضج وتكامل عناصر القوة كلها في دائرة فاعلة وتناسق صحيح. وهذه العناصر هي: المعرفة، والثروة، والقدرة القتالية”

 

  • "مات صلاح الدين ولم تجب عليه الزكاة قطّ، لأنَّ الصدقة استنفذت أمواله كلّها، فلم يترك إلَّا دينارًا واحدًا وفرسه وسلاحه وخيمته".

 

  • "إنّ محور الأزمة في حياة الأجيال العربيّة والإسلاميّة الحاضرة، هو عدم النضج والبقاء نفسيًّا وعقليًّا في مرحلة الاعتماد على الغير. وعن هذه الحالة تنتج مضاعفات تتمثّل في عُقدة الانبهار بالغرب وفقدان الاستقلاليّة في الفكر والتفكير"

 

  • "الله سبحانه حين خلق الخلق، وخلق الدنيا والآخرة وخلق الجنّة والنّار، جعل الدنيا زادًا للمعاد، ليتناول كلّ إنسان منها ما يصلح للتزود في طريقه للآخرة. فلو أنّ الناس تناولوها بالعدل لانقطعت الخصومات، ولكنّهم تناولوها بالشهوات فتولّدت الخصومات، ونشأت الحاجة إلى سلطان يسوسهم، واحتاج السلطان إلى قانون يسوسهم به".

 

  • "ولقد خَلَص الغزالي من هذا الاستعراض التاريخيّ إلى نعت مُعاصريه من العلماء، بأنّهم علماء دُنيا لا علماء دين، وعرّف ما يعنيه بذلك فقال: "نعني بعلماء الدنيا علماء السوء الذين قصدهم من العلم التنعّم بالدنيا والتوصّل إلى الجاه والمنزلة عند أهلها""

 

  • "يقول الغزالي: العلماء هم أطبّاء الدين، عليهم أن يطلبوا مرضى العقول والنفوس لعلاجهم لأنَّهم ورثة الأنبياء. والأنبياء ما تركوا الناس على جهلهم بل كانوا يُنادونهم في مجامعهم ويدورون على أبواب دورهم في الابتداء، ويطلبونهم واحدًا واحدًا فيرشدونهم، فإنّ مرضى القلوب لا يعرفون مرضهم"

 

  • "الأساس الذي تقوم عليه فلسفة التعليم عند الغزالي هو تحقيق السعادة للإنسان. والسعادة المقصودة هنا هي السعادة الأخرويّة، لأنَّها شاملة لكلّ ما هو مرغوب به. فهي بقاء بلا فناء، ولذّة بلا عناء، وسرور بلا حزن، وغنًى بلا فقر، وكمال بلا نقصان، وعزٌّ بلا ذلٍّ، وهي مؤبّدة لا نهاية لها".

 

  • "كان نور الدين زنكي مُقتصدًا في الإنفاق على نفسه وعلى أسرته، حتى قيل إنَّ أدنى الفقراء في زمانه كان أعلى نفقة من نور الدين، وكان لا يكنز ولا يستأثر بالدنيا، ولم يكن له بيت يسكنه، وإنَّما كان مقامه في قلعة البلد الذي يحلّ فيه، وكانت نفقته في الشهر 150 درهمًا، يأخذها من دكاكين كانت له في مدينة حمص، حيث اشتراها من حصّته في الغنائم. ولقد شكت له زوجته يوما قلّة نفقتها، وأرسلت له أخاها في الرضاعة تطلب زيادة، فقال: من أين أُعطيها ما يكفيها؟ والله لا أخوض في نار جهنَّم في هواها. إن كانت تظنّ أنّ الذي بيدي من الأموال هي لي، فبئس الظنّ! إنّما هي أموال المسلمين مرصدة لمصالحهم، وأنا خازنها فلا أخونهم فيها".

 

  • "وممّا يُكمل جهود نور الدين في توفير النقد البنّاء  وحرية الرأي، هو منعه كلّ ما من شأنه أن يُنمّي روح التزلّف والنفاق للمسؤولين، فلقد منع خطباء المساجد الذين يُبالغون في الدعاء له ويصفونه بالعبارات الرنّانة التي تعوَّدوا أن يتقربّوا بها إلى قلوب السلاطين. فطلب إلى خالد ابن محمّد بن نصر القيسرانيّ أن يُوقف ذلك، وأن يكتب له صيغة دعاء بسيطة تُطابق الواقع بأحواله وأفعاله، فكتب له الصيغة التالية:
     اللهمَّ أصلح عبدك الفقير إلى رحمتك، الخاضع لهيبتك، المعتصم بقوَّتك، المجاهد في سبيلك، المرابط لأعداء دينك: أبا القاسم محمود ابن زنكي بن آق سنقر ناصر أمير المؤمنين".

 

  • "والواقع أنّ ذكر الله كان وما زال سلاح النصر الأوّل في معارك المسلمين ضدّ أعدائهم، فما من معركة خاضوها وانتصروا فيها إلَّا كان الذكر السلاح النفسيّ الذي ثبّت قلوبهم وأرعب قلوب أعدائهم، وفي معارك العرب مع إسرائيل شواهد لذلك، ففي جميع المواجهات - خاصّة في حرب 1967- التي هُزم العرب فيها، كانت المغنيّات والمغنّين تملأ إذاعاتهم ومحطّات التلفاز لديهم. ولكن حين انطلقت حناجر الجيش المصريّ عام 1973 بكلمة - الله أكبر- فإنَّهم اخترقوا الحواجز، ودبّ الرعب في قلوب الجنود الإسرائيليّين الذين لم تمنعهم حصون خطّ بارليف من التمزّق والهزيمة".
    .

  • "والواقع أنّ إقبال الجماهير المسلمة على الطرق الصوفيّة وجماعات الدراويش هو لون من ألوان الانتحار الاجتماعيّ، الذي تُمارسه الجماهير المُسلمة حين تيأس من عدل المجتمع الظاهر الحيّ، فتنسحب منه إلى عالم ميتافيزيقيّ، وتعيش مُعطّلة الفاعليّة لا أثر لها في الأحداث، ولا وزن في مجابهة الأخطار والتحدّيات".

 

  • "لقد أحسّ ابن تيمية بالأسباب الرئيسيّة لظواهر الانحراف والاغتراب في المجتمع الإسلاميّ الذي عاصره، وعبّر عن هذا الإحساس في أكثر موضع في فتاويه، من ذلك قوله: ولا تنظر إلى كثرة ذمّ الدنيا ذمًا غير دينيّ، فإنّ أكثر العامّة إنَّما يذمُّونها لعدم حصول أغراضهم منها".

 

  • "ليس صحيحًا أنّ الازدهار أو التخلُّف الاقتصاديّين يعتمدان على وفرة الثروة أو قلّتها، وعلى تقدّم وسائل الإنتاج أو تخلّفها، ولكنّهما يعتمدان على التصوّر العقليّ الذي يوجّه طرق الكسب وطرق الإنفاق. فإذا قام هذا التصوّر على أساس الكسب المشروع والإنفاق المشروع، ازدهرت الحياة الاقتصاديّة وشاع الرخاء، أمَّا إذا تشكّل هذا التصوُّر عكس الطرق المشروعة، انتكست الحياة الاقتصاديّة وعمّت الأزمات".

هكذا ظهر جيل صلاح الدين
هكذا ظهر جيل صلاح الدين
ماجد عرسان الكيلاني
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00