الفصل الثاني: الخلاف

كان أفراد الدائرة المقربة من مستشاري ترامب في صراع دائم فيما بينهم. فأن تكون جزءًا من حملة انتخابية غير مرشحة للفوز يختلف تمامًا عن أن تكون ضمن طاقم موظفي البيت الأبيض — وهذا ما أدركه جاريد كوشنر بسرعة.

فما إن تم الانتقال من الحملة إلى الحكم، حتى لاحظ كوشنر أن ستيف بانون لم يعد يتصرف كالصديق الودود كما كان سابقًا. فالوصول بترامب إلى الرئاسة كان هدفًا مشتركًا جمع كل أفراد الفريق. أما الآن، فقد أصبح الأمر يتعلق بوضع السياسات، وكانت أجندة بانون مختلفة تمامًا عن تلك التي يحملها جاريد كوشنر وإيفانكا ترامب.

كان بانون يطلق على إيفانكا وزوجها جاريد لقب "جارفانكا" (Jarvanka)، وأحيانًا وبسخرية واضحة، كان يطلق عليهم: "العباقرة". وكانت رؤيته لمستقبل رئاسة ترامب تقوم على الابتعاد الجذري عن العولمة، والاتجاه نحو القومية الاقتصادية. كان يطمح إلى شن حرب تجارية ضد الصين، وإنهاء التورط في القضايا الخارجية اليائسة مثل النزاعات التي لا تنتهي في الشرق الأوسط.

أما جارفانكا، فكانا يأملان في الاستفادة من ميول ترامب الديمقراطية لعقد صفقات جريئة في الشرق الأوسط وتحسين العلاقة بين إسرائيل وفلسطين.


في الواقع، تربط عائلة كوشنر صداقة قديمة ببنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، كما أن لجاريد علاقة وثيقة بالساحر السياسي الشهير هنري كيسنجر. كذلك يتمتع جاريد وإيفانكا بروابط قوية مع عدد من رجال الأعمال في المنطقة، رغم أن بعضهم — مثل الملياردير بيني شتاينميتز العامل في مجالي التعدين والعقارات — يخضع لتحقيقات بسبب ممارسات تجارية مشبوهة.

وكان بانون دائمًا يضحك ساخرًا كلما قال ترامب إن جاريد سيكون "كيسنجر القادم"، الرجل الذي سيحقق السلام في الشرق الأوسط.
في نظر بانون، كانا جارفانكا يمثلان نقيضًا تامًا لكل ما تمثّله "الترامبية".

لكن كل من بانون وجارفانكا كانا على موعد مع مفاجأة؛ فالحملة الانتخابية كانت تدور في السابق حول كيفية إدارة ترامب، أما الرئاسة، فسرعان ما تحولت إلى شهادة على مدى استحالة إدارة ترامب أصلاً.


نارٌ وغضب: البيت الأبيض في عهد ترامب
نارٌ وغضب: البيت الأبيض في عهد ترامب
مايكل وولف
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00