الفصل السابع: بَلفور والأصدقاء

أثناء قيام الحرب العالميّة الأولى، كانت فلسطين ما زالت تحت حكم الأتراك العثمانيِّين، فأصبحتْ فلسطين هدفًا للحلفاء، فرنسا وبريطانيا، حينما انحاز العثمانيّون تجاه ألمانيا في الحرب إلى جانب سوريا ومصر والجزيرة العربيّة كي يتمكّنوا من السيطرة على الطرق الحيويّة المؤدّية للشرق؛ خاصةً قناة السويس، وقد استغلّوا كراهية العرب للأتراك في الانتصار والسيطرة على هذه المناطق العربيّة وتقسيم الغنائم فيما بينهم. وقد اعتمدتْ بريطانيا في الحرب على مساعدة العرب، وعقدت صفقةً مع شريف مكّة المكرّمة "حُسين بن علي" لمساعدتهم في التخلّص من الأتراك مقابل دعمه ليكون مَلِكًا على مملكةٍ تمتدّ من البحر المتوسّط إلى فارس، ومن تركيا إلى عَدَن، ولكنّها خدعتْه في النهاية.

وأثناء تعاون الدولة العثمانيّة مع ألمانيا في الحرب العالميّة، ظهر رجلٌ روسيّ يهوديّ يُدعى Chaim Weizmann كأكبر مُناصِرٍ لليهود حينها، والتقى به يهوديّ بريطانيّ يُدعى Herbert Samuel يخبره بفكرته عن إنشاء وطنٍ لليهود على أرض فلسطين.. ومن هنا؛ أُنشِئَت المنظمة الصهيونيّة بقيادة Weizmann بهدف السيطرة على فلسطين لصالح اليهود الصهاينة. والتقى فيما بعد بالبريطانيّ Arthur Balfour يحاوِره عن فكرة احتكار فلسطين، فتبنّى Balfour فكرته بعد ما حدث في الثورة الروسيّة عام ألفٍ وتسعمائة وسبعة عشر ميلاديًّا، راغبًا في التخلّص من تدفّق هجرة اليهود إلى بريطانيا وأمريكا، فأرسل خطابًا للعقيد House (مساعد الرئيس الأمريكيّ Woodrow Wilson) يخبره فيها عن الأمر، حتى صدر خطابه إلى كِبار منظَّمة الصهيونيّة، والذي سُمّي بـ"وعد Balfour".

الفصل الثامن: رسالة إلى اللورد Rothschild

نتج عن وعد Balfour تسعون عامًا من الهلاك في الشرق الأوسط؛ بمحاولته منح اليهود حقًا في أرض فلسطين، وذلك بوعدٍ من شعبٍ لشعبٍ آخر، بمنح أرضٍ يملكها شعبٌ ثالث". وعلى إثره، أصبحتْ بريطانيا هي الحاكم الفِعليّ لفلسطين بعد انتصارها في الحرب العالميّة الأولى، ومن هنا بدأتْ المنظمة الصهيونيّة بالازدهار بعد وعد Balfour لهم، ووجدوا نصيرًا أكبر في انتقال رئاسة الوزراء البريطانيّة إلى شخصٍ يُدعى Lloyd George عام ألف وتسعمائة وستة عشر ميلاديًّا، والذي دعمهم كثيرًا مع Arthur Balfour عندما أصبح وزيرًا للخارجيّة البريطانيّة أيضًا. حتى إنّه في شهر حزيران عام ألفٍ وتسعمائة وسبعة عشر ميلاديًّا، ذهب Weizmann ومُنَاصِرٌ آخر للصهيونيّة يُدعى Lord Rothschild إلى Balfour في مكتبه بوزارة الخارجيّة يقترحان عليه أن تقوم الحكومة البريطانيّة بإصدار إعلان رسميّ يدعمون فيه منظَّمة الصهيونيّة، فوافقهما Balfour لدرجة أنّه جعلهما يكتبان أوامر الإعلان بأنفسهما.

 ولمْ يدُمْ هذا التسلّط؛ إذ كان هناك يهوديّ يُدعى Edwin Montagu، رئيس الشؤون الهنديّة، معارِضًا لفكرة الصهاينة بإقامة وطنٍ لليهود على أرض فلسطين، بقوله إنّه قرارٌ مُعادٍ للساميّة والديموقراطية التي كانت ترنو إليها أمريكا حينها برئاسة Wilson. إلّا أنَّ الحكومة البريطانيّة تجاهلتْه، وخطّتْ إعلان Balfour لِلُورد Rothschild عن حقّ الصهاينة في فلسطين ودعمهم لهم حتى إقامة وطنٍ لليهود. وهذا ما لا يعرفه العامّة حتى وقتنا الحاضر، عن كون وعد Balfour كان رسالةً خطّها Weizmann وRothschild، ظانّين أن وجودهم كان برغبةٍ ودعمٍ أكبر من الأمّة البريطانيّة والأمم المُتحضِّرة جميعها في العالم.

 الفصل التاسع: البحثُ عن السّلام

وصل خبر "إعلان Balfour" إلى العرب متأخّرًا، فأرسلوا رسالةً إلى الحكومة البريطانيّة يطالبون فيها بتفسيرٍ لما حصل، ولكن لم يأتِهم ردٌّ إلا بعد مرور سبعة أشهرٍ على صدور إعلان Balfour في السادس عشر من حزيران عام ألف وتسعمائة وثمانية عشر ميلاديًّا، حيث كانت القوات البريطانيّة قد احتلّت جزءًا من فلسطين، وما تزال بعض المناطق تحت حكم الأتراك. وفي تلك الرسالة، طمأن البريطانيون العرب بآمال استقلال زائفة. وحين وصل الخبر إلى الرئيس الأمريكيّ Wilson، الذي كان العرب يرون فيه أملًا لاستقلالهم، بفضل خطاباته الداعية إلى الديموقراطية، خذلهم في النهاية بإعلان إعجابه بمثابرة المنظمة الصهيونيّة على نيل حقوق اليهود في أرض فلسطين.

 وقد آل الأمر، بعد أن سيطرت بريطانيا بشكلٍ كاملٍ على فلسطين وانتهى حكم الدولة العثمانيّة في الشرق، إلى ذهاب Weizmann مع جماعةٍ من اليهود في زيارةٍ إلى فلسطين ليروا كيف تسير وعود بريطانيا لهم هناك. لكنّهم بدأوا يجوبون الشوارع مؤكدين على ملكيّة الأرض لليهود، الأمر الذي دفع العرب إلى ضرورة التحرّك، فكان أوّل ردّ فعل لهم كتابة خطاب احتجاج إلى السير Ronald، المسؤول البريطانيّ في فلسطين، يطالبونه فيه بإيقاف محاولات اليهود لسرقة أرضهم بهذا الشكل.

 


فلسطين تاريخ شخصي
فلسطين تاريخ شخصي
كارل عيسى صباغ
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00