الفصل السادس: مسؤولية التربية الاجتماعية

 

المقصود بالتربية الاجتماعية تأديب الولد منذ نعومة أظفاره على التزام آداب اجتماعية فاضلة، وأصول نفسية نبيلة تنبع من العقيدة الإسلامية الخالدة، والشعور الإيماني العميق، ليظهر الولد في المجتمع على خير ما يظهر به من حسن التعامل، والأدب، والاتزان، والعقل الناضج، والتصرف الحكيم.

ولا شك أن هذه المسؤولية من أهم المسؤوليات في إعداد الولد لدى المربين والآباء، بل هي حصيلة كل تربية سبق ذكرها سواء أكانت التربية إيمانية أم خلقية أم نفسية؛ لكونها الظاهرة السلوكية والوجدانية التي تربي الولد على أداء الحقوق، والتزام الآداب، والرقابة الاجتماعية، والاتزان العقلي، وحسن السياسة والتعامل مع الآخرين.

ومن الثابت تجربة وواقعا أنّ سلامة المجتمع، وقوة بنيانه وتماسكه مرتبطتان بسلامة أفراده وإعدادهم، ومن هنا كانت عناية الإسلام بتربية الأولاد اجتماعيا وسلوكيا حتى إذا تربوا وتكونوا وأصبحوا يتحركون على مسرح الحياة أعطوا الصورة الصادقة عن الإنسان الانضباطي المتزن العاقل الحكيم .

فما على المربين إلا أن يشمروا عن ساعد الجد والعزيمة؛ ليقوموا بمسؤوليتهم الكبرى في التربية الاجتماعية على وجهها الصحيح عسى أن يساهموا في بناء مجتمع إسلامي أفضل تقوم ركائزه على الإيمان والأخلاق والتربية الاجتماعية الفاضلة، والقيم الإسلامية الرفيعة وما ذلك على الله بعزيز.

وإذا كان لكل تربية وسائل يسير المربون عليها، فما هي الوسائل العملية التي تؤدي إلى تربية اجتماعية فاضلة؟ هذه الوسائل في نظري تتركز في أمورٍ أربعة: غرس الأصول النفسية النبيلة، مراعاة حقوق الآخرين، التزام الآداب الاجتماعية العامة، المراقبة والنقد الاجتماعي.

 

الفصل السابع: مسؤولية التربية الجنسية

المقصود بالتربية الجنسية تعليم الولد وتوعيته ومصارحته منذ أن يعقل القضايا التي تتعلق بالجنس، وترتبط بالغريزة، وتتصل بالزواج؛ حتى إذا شب الولد وترعرع وتفهم أمور الحياة عرف ما يحل ، وعرف ما يحرم، وأصبح السلوك الإسلامي المتميز حقا له وعادة، فلا يجري وراء شهوة، ولا يتخبط في طريق الحرام.

وأرى أن هذه التربية الجنسية اتقوم على المراحل التالية:

  • في سن ما بين (٧ - ١٠) سنوات والذي يسمى بسن التمييز يلقن الولد آداب الاستئذان، وآداب النظر.
  • وفي سن ما بين (١١- ١٤) سنة والذي يسمى بسن المراهقة يجنب الولد كل الاستثارات الجنسية.
  • وفيما بين (١٤-١٦) سنة والذي يسمى بسن البلوغ يتعلم الولد آداب الاتصال الجنسي إذا كان مهيأ للزواج،
  • وفي سن ما بعد البلوغ والذي يُسمى بسن الشباب يعلم الولد آداب الاستعفاف إذا كان لا يقدر على الزواج.

فما أحوج أهل الفكر والتربية والإصلاح أن يأخذوا بمنهج الإسلام في التربية الجنسية، وأن يسيروا على هدي القرآن في الانضباط الغريزي عسى أن نجد أبناء الجيل الإسلامي وقد اكتملت شخصيتهم، وصلحت سريرتهم، وتقومت أخلاقهم، وتحررت من الآفات النفسية والمفاسد الاجتماعية، وعندئذ يستطيعون أن ينهضوا برسالة ويقوموا بمسؤولية، ويرفعوا من سماء الوجود الإنساني راية التوحيد، وشعار الإسلام .

وأريد أن يفهم كل ذي عقل وبصيرة أن هذا الإسلام العظيم حين عالج مشاكل الإنسان وآفات المجتمع كان العلاج شاملا لكل الجوانب، ومهيمنا على كل النواحي؛ لأن الإسلام شرع الله الخالد أنزله الله سبحانه ليكون للعالمين مبشرا ونذيرا، فمن حكم به عدل ومن اهتدى به سعد، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.

ثم أتدرون يا معشر المربين كيف يتحقق هذا كله؟ وكيف يتم الوصول الى قمة التربية الفاضلة؟ بتقديري أن هذا يتحقق بأمرين أساسيين هامين:

الأول: بظاهرة المراقبة والملاحظة.

الثاني: بالاستفادة من الفراغ.

فبالمراقبة والملاحظة يتربى الولد إيمانيا، ويتكون خلقيا، ويقوى جسميا، وينضج عقليا وعلميا، ويكتمل نفسيا واجتماعيا، وبالمراقبة والملاحظة ينجو الولد من رفاق السوء، والخلطة الفاسدة، وقرناء الفتنة والانحراف.

وبالمراقبة والملاحظة يتحرر الولد من كل العوامل التي تؤدي إلى انحرافه وشقائه فيتحرر من مشاهدات السينما والتلفزيون؛ لما يعرضانه من أفلام جنسية خليعة، وروايات بوليسية محرجة. وأفكار موجهة ماجنة، ويتحرر من قراءة المجلات الخلاعية المثيرة، والقصص الجنسية المهيجة، والمسرحيات غير الأخلاقية الهابطة التي تفتك بالفضيلة وتطعن الأخلاق الإسلامية في الصميم.

وبالمراقبة والملاحظة يسلم الولد من المذاهب الاجتماعية الضالة، والعقائد الفكرية الكافرة. ويرتبط بالإسلام عقيدة وفكرا ومنهاجا وسلوكا.

وبالمراقبة والملاحظة يصل الولد إلى قمة التربية الإسلامية الفاضلة، ويكتمل روحا وعقلا وأخلاقا وعلما، فيعطي غيره القدوة الصالحة في الأخلاق، والأسوة الحسنة في المعاملة، ويكون كتألق البدر في السماء، وكالملك حين يمشي على الأرض.


تربية الأولاد في الإسلام - الجزء الأول
تربية الأولاد في الإسلام - الجزء الأول
عبد الله ناصح علوان
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00