وفي الختام أضع بين يدي المربين طائفة من الاقتراحات التربوية التي لا بد منها ولا غنى عنها، وهي لا تقل أهمية عما كتبناه سابقاً من فصول مضت حول ((مسؤوليات المريين)) وحول وسائل التربية المؤثرة، وحول القواعد الأساسية في تربية الولد، وفي كتابة هذه الاقتراحات نكون قد أحطنا بوسائل التربية من جميع الجوانب ونكون في الوقت نفسه فتحنا أمام المربين آفاقاً جديدة في إعداد الولد خلقياً وفكراً ونفسياً، وفي تكوينه جسمياً وسلوكياً واجتماعياً، ليكون الإنسان الصالح لدينه وأمته، والعضو النافع في الحياة، وهيئة المجتمع.
وهذه الاقتراحات تنحصر في الأمور التالية:
1- تشويق الولد إلى أشرف الكسب
من أهم المسؤوليات التي يجب أن يهتم بها المربي تجاه الولد تشجيعه على العمل الحر سواء أكان هذا العمل صناعياً أو زراعياً أو تجارياً.
2- مراعاة استعدادات الولد الفطرية
من الأمور المهمة التي يجب أن يدركها المربون جيداً، وأن يهتموا بها، ويوجهوا نظرهم لها، معرفة ما يميل إليه الولد من صنائع، وما يناسبه من أعمال وما ينشده في الحياة من آمال وأهداف.
3- ترك المجال للولد في اللعب والترويح
الإسلام دين الواقع والحياة، يعامل الناس على أنهم بشر لهم أشواقهم التقلبية، وحظوظهم النفسية، وطبيعتهم الإنسانية، فلم يفترض فيهم أن يكون كل كلامهم ذكراً، وكل صمتهم فكراً، وكل تأملاتهم عبرة، وكل فراغهم عبادة، وإنما اعترف الإسلام بكل ما تتطلبه الفطرة البشرية من سرور وفرح، ولعب ومرح، ومزاح ومداعبة، بشرط أن تكون في حدود ما شرعه الله في نطاق أدب الإسلام.
4- إيجاد التعاون بين البيت والمسجد والمدرسة
ومن العوامل المؤثرة في تكوين طبيعة الولد العلمية والروحية والجسمية، إيجاد التعاون الوثيق بين البيت والمدرسة والمسجد.
5- تقوية الصلة بين المربي والولد
من القواعد التربوية المجمع عليها لدى علماء الاجتماع والنفسية والتربية، تقوية الصلة ما بين المربي والولد، ليتم التفاعل التربوي على أحسن وجه، ويكتمل التكوين العلمي والنفسي والخلقي على أنبل معنى.
6- السير على منهج تربوي في اليوم والليلة
من أوجب المسؤوليات التي يجب أن يهتم المربي بها، ويسعى إليها، تسيير الولد على منهج تربوي رتيب في اليوم والليلة حتى يعتاد عليه، ويدرج عليه، ويجد تنفيذه في المستقبل أمراً عادياً مألوفاً، لكونه تأصل في كيانه، وترسيخ في شعوره وفؤاده.
7- تهيئة الوسائل الثقافية النافعة
انطلاقاً من مسؤولية المربين في الواجب التعليمي تجاه من لهم في أعناقهم حق التعليم والتربية، وجب عليهم أن يهيئوا لهم الوسائل الثقافية النافعة المتنوعة، حتى ينضج الولد عقلياً ويتكون في الحياة فكرياً وعلمياً.
8- تشويق الولد إلى المطالعة الدائمة
واستشعاراً بمسؤولية التوعية الفكرية التي جعلها الإسلام أمانة في عنق الآباء والمربين، وجب على كل من يهمه أمر الولد فكرياً، وتكوينه علمياً وثقافياً أن يعرفوا الولد منذ أن يبلغ سن الوعي والتمييز.
9- تعميق روح الجهاد في نفسية الولد
من المسائل الخطيرة، والأمور المهمة التي يجب أن يهتم المربون بها، ويوجهون اعتناءهم الأكبر إليها تعميق روح الجهاد في نفسية الولد، وترسيخ معاني العزم والمصابرة في فكره وقلبه ومشاعره ولا سيما في هذا العصر الذي انحسر فيه حكم الإسلام عن بلاد الإسلام.
وأخيراً أخي المربي، أعطي العهد لله _عز وجل_ على أن تأخذ بهذا المنهج الإسلامي في تربية أولادك، وأعقد الهمة، وأشحذ العزم على أن تقوم بواجب التنفيذ في كل مرحلة من مراحله، وبكل جانب من جوانبه، وبكل قسم من أقسامه، فإنك إن فعلت ذلك فسترى أولادك شموس إصلاح، وأقمار هداية، وملائكة يمشون على الأرض، بل يشار إليهم بالبنان لصفاء نفوسهم، وطهارة قلوبهم، وكريم أخلاقهم، وجميل معاملتهم، ومظهر اتزانهم، ولطف معاشرتهم.