من الأمور المقررة في شريعة الإسلام أن الولد مفطور منذ خلقته على التوحيد الخالص، والدين القيم، والإيمان بالله.
ومن هنا يأتي دور التعويد والتلقين والتأديب في نشأة الولد، وترعرعه على التوحيد الخالص، والمكارم الخلقية، والفضائل النفسية وآداب الشرع الحنيف ٠
ومما لا يختلف فيه اثنان أن الولد إذا تيسر له عاملان: عامل التربية الإسلامية الفاضلة، وعامل البيئة الصالحة فإن الولد لا شك في أن ينشأ على الإيمان الحق، ويتخلق بأخلاق الإسلام، ويصل إلى قمة الفضائل النفسية، والمكارم الذاتية.
ومن الخطأ الفادح أن يتوهم البعض أن الناس يولدون أخياراً أو أشراراً، كما يولد الحمل (أي الخروف) وديعاً والنمر مفترساً، وأنه لا يمكن تغيير الشر الكامن في الإنسان، كما أنه لا يمكن تغيير الخير المتأصل فيه.
والذي نخلص إليه بعدما تقدم أن دعوى الذين يقولون إن الطباع الإنسانية من شر أو خير لا يمكن تغييرها ولا تعديلها هي في الحقيقة دعوى باطلة ينقضها الشرع، ويردها العقل، وتكذبها التجربة والمشاهدة، ويبطلها الجمهرة الغالبة من علماء النفس والتربية والأخلاق.
وعلى المربي أن يعين في إصلاح الفرد، وتقويم اعوجاجه بين عمرين، وأن يفرق في تعويده وتأديبه بين سنين، فالكبار لهم منهجهم وطريقتهم، والصغار كذلك لهم منهجهم وطريقتهم.
فمنهج الإسلام وطريقته في إصلاح الكبار- وهم سن ما بعد البلوغ يعتمد على ثلاثة أمور أساسية:
١- الربط بالعقيدة.
٢ - تعرية الشر.
٣- تغيير البيئة.
أما منهج الإسلام في إصلاح الصغار فيعتمد على شيئين أساسيين:
1 – التلقين.
2 – التعويد.
ومن الأمور المهمة التي ينبغي أن يعلمها المربون في تأديب الولد على خصال الخير، وتعويده على مكارم الأخلاق، هو اتباع أسلوب التشجيع بالكلمة الطيبة حيناً، وبمنح الهدايا أحياناً، وانتهاج أسلوب الترغيب تارة، واستعمال طريقة الترهيب تارة أخرى، وقد يضطر المربي في بعض الحالات أن يلجأ إلى العقوبة الزاجرة إذا رأي فيها مصلحة الولد في تقويم الانحراف والاعوجاج.
كل هذه الأساليب تنفع في تعويد الولد على الفضائل النفسية، والمكارم وفي تقديري أن التربية بالعادة والتأديب هي من أقوم دعائم التربية، ومن أمتن وسائلها في تنشئة الولد إيمانياً، وتقويمه خلقياً. ذلك لأنها تعتمد على الملاحظة والملاحقة، وتقوم على الترغيب والترهيب، وتنطلق من منطلقات إرشادية وتوجيهية، فما أحوجنا إلى مربين يؤدون رسالتهم على الوجه الأكمل، ويعطون للتربية الإسلامية حقها من الاهتمام والعمل، والدأب والمثابرة، والتلقين والتأديب ليروا أفلاذ أكبادهم في المستقبل القريب، دعاة رسالة، ورجال إصلاح، وشباب دعوة، وجنود جهاد.