الفصلُ الثامنُ

اليهوديُّ الخالصُ والعربيُّ الغائبُ

نفْيُ الدياسبورا (الشتات): ينظر الصهاينة إلى تراث يهود الشتات على أنَّه تراث بلا قيمة؛ لأنَّه لا يعبِّر عن الجوهر الخالص، ولذا؛ يجب تصفية الشتاتِ وتراثِه وهذا ما يطلق عليه مصطلح "نفي الدياسبورا".

الولاءُ اليهوديُّ: ولاء اليهود الموجودين في كلِّ مكانٍ هو إلى شعبهم اليهوديّ ولوطنهم القوميّ فحسب، وليس لأوطانهم التي يعيشون فيها.

رفْضُ الاندماج: ويصف اليهود الاندماج بأنَّه انحرافٌ عمَّا يتصوَّرون أنَّه للشخصيَّة اليهوديَّة القوميَّة  الخالصة المطلقة التي تقف خارج التاريخ، والإيمان باستحالة الاندماج من المبادئ الرئيسة للصهيونيَّة.

 نقدُ الشخصيَّة اليهوديَّة (معاداة الساميَّة الصهيونيَّة): يذكر الصهاينة أنَّ معاداة الساميَّة هي المسؤولة عن بقاء اليهود واستقرارِهم، وسبب هذه الظاهرة أنَّ معاداةَ الساميَّة لها بوجود ميتافيزيقيٌّ ثابتٌ أزلي، ولكنْ إذا كان لمعاداة الساميَّة هذا الدوام والاستمرار فإنَّه يمكن افتراض أنَّها ظاهرة طبيعيَّة وأنَّها ردُّ فعلٍ طبيعيٌّ للوجود الصهيونيّ ولطبيعة اليهود، وهذا  فعلًا هو الموقف الصهيونيُّ، ولعلَّ أهمَّ الصهاينةِ الأغيارِ على الإطلاق هو لورد بلفور، وهو الآخَر معادٍ للساميَّة وساهم في إصدار قانون الأجانب الذي كان يهدف لوضع حدٍّ لدخول يهود شرق أوروبا إلى إنجلترا.

اليهوديُّ الخالصُ:

التحديث في حالة الشخصيَّة اليهوديَّة لا يختلف في بنيته عن تحديث اليهوديَّة؛ فالصهيونيَّة ترفض التعريف الدينيَّ التقليديَّ وتطرح بدلًا منه فكرة اليهوديِّ الخالص الذي يتَّسم بكلِّ صفات الانعزال والاستقلال.

 تعريفٌ إثنيٌّ أو دينيٌّ: التعريف الصهيونيُّ الدينيُّ: يختلف الأساس الذي يستند عليه أساس التعريف العرقيِّ، لكنْ لا يختلف كثيرًا في بنيته؛ فجميع التعريفات ترى الشعب اليهوديَّ كيانًا منعزلًا غريبًا مقدَّسًا، وجميعها تعطي اليهود الحقوق القوميَّة  نفسَها، الأمرُ الذي يخرج بالتعريف الدينيِّ من المجال الدينيِّ إلى المجال العرقيِّ.

 العربيُّ الغائبُ: تتعامل الصهيونيَّة مع الإنسان العربيِّ على ثلاثة مستويات، تتَّسم كلُّها بأنَّها "تُجرِّد" الإنسانَ العربيَّ من وجوده المتعيِّن تجريدًا متزايدًا؛ حتَّى يختفي كُلِّيَّة، ويتحوَّلَ من العربيِّ المتخلِّف إلى العربيِّ الغائب.

مواجهة الإنسان العربي من المنظور العنصريّ الشائع:

 يقدِّم الصهاينة من هذا المنظور التقليديِّ، تصوُّرًا للشخصيَّة العربيَّة على أنَّها شخصيَّة متخلِّفة وأنَّ العرب لا يفهمون سوى لغةِ القوَّة؛ ولذلك فإنَّ اتِّباع سياسة الردع والعنف معهم هي سلوك الأسلوبِ الأمثل.

 العربيُّ الممثِّل للأغيار: إنَّ الرؤية الصهيونيَّة تتَّسم بالاستقطاب المتطرِّف اليهوديّ الخالص ضدَّ الأغيار، وقد وُصِف الأغيار في الأدبيَّات الصهيونيَّة بأنَّهم ذئابٌ قتلةٌ متربِّصون باليهود معادون للساميَّة.

العربيَّ الغائبُ: إن ذكر العرب ولو في مجال التشهير بهم فهو اعتراف ضمنيٌّ بهم، ولكنَّ الصهاينة يحاولون إخفاء العرب وإدخالَهم في مفهوم الأغيار المجرَّدة، وهذا الاتِّجاه يصل إلى قمَّته في مقولة العربيِّ الغائب.

 


الأيدلوجية الصهيونية - الجزء الأول
الأيدلوجية الصهيونية - الجزء الأول
عبد الوهاب المسيري
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00