"وقد طُرحت القضيَّةُ أثناء الثورة الفرنسيَّة والثورة الليبراليَّة والبورجوازيَّة الصاعدة وثمرة حركة التنوير وفكرة الإخاء والمساواة، حينما قال أحد المتحدِّثين باسم الثورة: "كلُّ شيء لليهود أفرادًا ولا شيء لليهود الشعب، فنحن لا يمكن أن يكون عندنا أمَّةٌ داخل أمَّةٍ".
"نحن نرى في العصر الحديث عصر حضارة العقل والقلب الجامعة اقترابًا لتحقيق أمل إسرائيل (الماشيحانيّ) العظيم لأجل إقامة مملكة الحقيقة والعدالة والسلام بين جميع البشر. نحن لا نعتبر أنفسنا أمَّةً بعد اليوم بل جماعة دينيَّة ولذا فنحن لا نتوقَّع عودةً إلى فلسطين ولا عبادةً قربانيَّةً في ظلِّ أبناء هارون ولا استرجاعًا لأيٍّ من القوانينَ المتعلِّقة بالدولة اليهوديَّة".
"إنَّ إعلان حقوق الإنسان قد حرَّر اليهود، بشكل مفاجئٍ، من عبوديَّة القرون الوسطى، ومنحهم المساواة السياسيَّة والمدنيَّة دون أيِّ جهد من جانبهم، لقد حقَّق اليهود تحرُّرهم صدفة عن طريق انتصار مبدأِ المساواة، دون أن تكون لهم قوَّةٌ ذاتيَّةٌ حقيقيَّةٌ تسندهم أو قوَّة منظَّمةٌ فعَّالةٌ تبدأ عمليَّة انعتاقهم".
"إذا عاد أفراد الشعب اليهوديِّ إلى فلسطين، وتحت حماية السلطان العثمانيِّ وبناء على دعوة منه وكانت حينذاك هي القوَّةَ الخارجية المهيمنة في العالم العربيّ؛ فإنَّهم سيقومون بكبح جماح أيِّ مخطَّطاتٍ شرِّيرة قد يديرها محمَّد علي أو من سيخلفه في المستقبل".
"فاليهود الأمريكيُّون يمدُّون إسرائيل بالمساعدات الماليَّة والسياسيَّة بحماس شديد، ولكنْ مثل هذه المساندة ستستمرُّ طالما توجد مصالح مشتركة أساسيَّة بين الولايات المتَّحدة وإسرائيل، وتلعب صهيونيَّة الشتات دورًا مزدوجًا، فهي تقوم بالضغط على الولايات المتَّحدة لتَحصل إسرائيل على درجة من الحريَّة والاستقلال أكثر من أيِّ دولة أخرى تابعة".
"إذ أشار إلى أنَّه عثر على لفظ "سوبر مان "لأوَّل مرَّة في كتاب حياة اللورد كتشنر، الرجل الذي قهر العالم، وبين روزنبرج أيضًا أنَّه صادف عبارة "العنصر السيِّد" أو "العنصر المتفوِّق" في مؤلَّفات عالِم الأجناس الأمريكيِّ ماديسون جرانت والعالم الفرنسيّ لابوج"
"والصهيونيَّة أيضًا، في العالم الغربيّ، ليست سوى أيديولوجيَّة سياسيَّة وضعها اليهود من أجل اليهود، تخصُّهم هم وحدَهم ولا تتضمَّن أيَّ تمييز ضدّ أيِّ شخص في الولايات المتَّحدة أو إنجلترا. بل لقد دافع بعض الغربيِّين عن الدَّور الإيجابيِّ البنَّاء الذي تلعبه الصهيونيَّة بين الأمريكيِّين اليهود، حيث تُزوِّدهم بالشعور بالترابط والانتماء".
"إنَّ الصهيونيَّة لم تكُ تستطيع تحقيق انتصاراتها وإنجازاتها دون الاستفادة من النفاق الذي تنطوي عليه هذه الاشتراكيَّة فكما أنَّ المسيحيَّة، بمُثُلها ومِثالاتها، كانت بمثابة عذر معنويٍّ للصليبيِّين فإنَّ الاشتراكيَّة بمُثُلِها ومُثالاتِها، أدَّت هذه المهمَّةَ للصهاينة".
"أمَّا الصهيونيَّةُ الثقافيّةُ فليس لها أحزاب، لأنَّها تعبِّر عن موقفٍ يتبنَّاه أيُّ صهيونيّ، بغضِّ النظر عن انتمائه السياسيّ، وقد ورث الصيغة الثقافية فريقان: واحد في إسرائيل ويؤكِّد مركزيَّة الدولة الصهيونيَّة في حياة يهود الشتات، والثاني خارجها وهم صهاينة الشتات الذين يؤمنون ببعض الجوانب الثقافيَّة والدينيَّة من الأيديولوجيَّة الصهيونيَّة، مع إهمال الجوانب السياسيَّة والاقتصاديَّة التي تتعارض مع وضع اليهود في العالم الجديد".
"وإذا كان بعض الصهاينة لا يؤمنون بعودة شخصيَّة الماشيح، فإنَّهم جميعًا يؤمنون بفكرة العصر الماشيحانيّ أو سبت التاريخ أو نهاية التاريخ، وهي فكرة لا تختلف كثيرًا عن التصوُّرات الدينيَّة التقليديَّة إلَّا في استبعاد شخصيَّة الماشيح".
"إنَّ تأمين نظام العالم الذي يترنَّح بين عواصف الحروب الدمويَّة، يتطلَّب بناء الدولة اليهوديَّة وبناء كيان الشعب وإظهار روحه هما عمليَّة واحدة لا يمكن الاستغناء عنها لإعادة بناء العالم المهتزّ، الذي ينتظر القوَّة العليا والموحَّدة الموجودة في تجمُّع إسرائيل المقدَّس".
"ليست أرض إسرائيل شيئًا منفصلًا عن روح الشعب اليهوديّ، إنَّما جزء من جوهر وجودنا القومّي ومرتبطة بحياتنا ذاتها، وبكياننا الداخليّ ارتباطًا عضويًّا، إنَّ ما تعنيه أرض إسرائيل يمكن فهمه فقط من خلال روح الربِّ المنتشرة في شعبنا كلِّه والتي تشعُّ بتأثيرها على كلِّ العواطف السليمة".
"إنَّ الرؤية الصهيونيَّة الإسرائيليَّة للعربيِّ هي أوَّل رؤية معادية للساميَّة بالمعنى الكامل للكلمة فعلًا، فهي تضمُّ كلَّ الساميِّين اليهود والعرب على حدٍّ سواء، ولعلَّ الصورة التي رسمها الصهاينة للعربيِّ التائه الذي لا يرتبط بالأرض، وإنَّما يحمل جواز سفره ورأس ماله ليتجوَّل في أنحاء العالم؛ لعلَّ هذا التصوُّر ذاتَه هو امتدادٌ للتصوُّر الصهيونيّ لليهوديّ على أنَّه إنسان هامشيٌّ جوَّال طفيليٌّ. "