يغطّي الفصل السادس أربعة فصول من العنف الإسرائيليّ ضدّ الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، والتي تشمل ردّ الفعل العنيف ضدّ الانتفاضة الثانية والهجمات العسكريّة الإسرائيليّة الثلاث على غزّة في أعوام 2008 و2012 و2014.
ويشير المؤلّف إلى أنَّ عدد القتلى الهائل والدمار الماديّ للمباني والبنية التحتيّة، نتج عن الأسلحة الفتّاكة التي قدّمتها الولايات المتَّحدة لإسرائيل، بما في ذلك طائرات بدون طيار ومروحيّات أباتشي، وطائرات حربيّة من طراز F-15 وF-16، ومدافع هاوتزر عيار 155 ملم.
وقد جاء اتِّفاق أوسلو سنة 1993م في حديقة البيت الأبيض، حيث اعتقد الفلسطينيّون في البداية أنَّ الاحتلال العسكريّ سينتهي، وتصوَّر الفلسطينيُّون أنَّهم في بداية الطريق لإنشاء الدولة، لكن الحقيقة أنَّ الأحوال أصبحت أسوأ للجميع.
وتأسّست حركة حماس في بداية الانتفاضة الأولى في ديسمبر عام 1987م، ونمت بسرعة مستفيدة من تيارات الاستياء الشعبيّ من منظَّمة التحرير الفلسطينيّة. وكانت حماس فرعًا من الجناح الفلسطينيّ لحركة الإخوان المسلمين التي تأسّست بمصر سنة 1928م لأهداف إصلاحيّة.
شعر كثير من الفلسطينيّين أنَّ منظَّمة التحرير الفلسطينيّة قد ضلَّت الطريق باتِّخاذها المسار الدبلوماسيّ بقصد التوصّل إلى دولة فلسطينيّة وفشلت في الوصول إلى نتائج. واشتعلت الانتفاضة الثانية في سبتمبر عام 2000م بسبب سوء أوضاع الفلسطينيّين بعد أوسلو، وخيبة الأمل في التوصّل إلى دولة حرّة، وقد تفجّرت بعد اقتحام شارون للمسجد الأقصى بشكل استفزازيّ. وقامت حماس وحركة الجهاد الإسلاميّ بزيادة الهجمات الكبيرة بتفجيرات الانتحاريّين، الذين هاجموا بشكل رئيس أهدافًا مدنيّة مثل الحافلات والمقاهي في الأراضي المحتلَّة.
ويرى الكاتب أنَّ استخدام الفلسطينيّين للعنف قد غيَّر صورة العدوّ الإسرائيليّ الظالم في الغرب إلى اعتبار الإسرائيليّين ضحايا للجهاد الإسلاميّ، وهذا من وجهة نظر الكاتب من التأثير السلبيّ للانتفاضة الثانية.
والحقيقة التي يغفل الإعلام عن تناولها أنَّ التفجيرات الانتحاريّة، كانت عمليّات انتقاميّة من استخدام إسرائيل للرصاص الحيّ عشوائيًّا، ضدّ متظاهرين غير مسلَّحين في الأسابيع الأولى من الانتفاضة الثانية.
وتوفّي ياسر عرفات في نوفمبر عام 2004م في مستشفى بباريس في ظروف ظلّت غامضة، ثمَّ حلَّ محلَّه محمود عبّاس أبو مازن رئيسًا لمنظَّمة التحرير الفلسطينيّة وحركة فتح وانتخب بعد ذلك لرئاسة السلطة الفلسطينيّة لفترة أربع سنوات في يناير 2005م. ولم يكن محمود عبّاس معروفًا بالشجاعة الشخصيّة، ولم يعدّ رجلًا شعبيًا وبشكل عامّ كان واحدًا من الشخصيّات الأقلّ إثارة من الجيل الأوَّل لقيادة فتح.
وقد سيطرت حركة حماس على المجلس التشريعيّ في انتخابات عام 2006 م وتزايد الصراع بينها وبين حركة فتح.
وحاولت حركة حماس تشكيل حكومة ائتلاف إلَّا أنَّ جهودها اصطدمت بمعارضة قويّة من جهة إسرائيل والولايات المتَّحدة الأمريكيّة اللتين رفضتا حركة حماس كجزء في أيّة حكومة فلسطينيّة.
وأصبحت حماس تسيطر على قطاع غزّة، وفرضت إسرائيل عليها حصارًا شاملًا، حيث انخفضت البضائع الداخلة إلى القطاع إلى الحدّ الأدنى، وتوقّف التصدير المعتاد، وخفّضت إمدادات الوقود، ولم يسمح بالخروج والدخول إلى غزة إلَّا نادرًا.
وتحوَّلت غزّة فعليًّا إلى سجن مفتوح يعيش فيه مليونا فلسطينيٍّ تقريبًا وبلغت نسبة البطالة فيه 52%.
وهناك حرب مستمرّة في غزّة تشمل اجتياحات برّيّة إسرائيليّة في عام 2008م وعام 2009م وعام 2012م وعام 2014م. (والكتاب تمّ إصداره عام 2017م قبل حربي عام 2021م ، وعام 2023م والتي لا تزال مستمرّة إلى يومنا هذا).
وقد اجتاحت إسرائيل قطاع غزّة عام 2014م على مدى 51 يومًا، وقام سلاح الجوّ الإسرائيليّ بأكثر من 6000 غارة، وأطلق الجيش الإسرائيليّ والبحريّة الإسرائيليّة 50 ألف قذيفة من المدفعيّة والدبابات، واستخدم حوالي 21 ألف طنّ من المتفجّرات. وكانت الأسلحة المختارة من قبل إسرائيل مصمّمة للاستخدام في ميدان قتال مفتوح، وليس في ظروف حضريّة مزدحمة بالسكان.
وكان الموقف الأمريكيّ ينحاز دائمًا إلى إسرائيل حيث يقتضي عدم وجود أي تنازلات من طرف إسرائيل. وعلى مرّ قرن كامل من الحرب على فلسطين، كانت العاصمة الأمريكيّة هي مركز حريّة تصرّف إسرائيل، حيث ظلَّت ملتزمة بالمشروع الصهيونيّ الاستعماريّ، وفية له على طول الخطّ.