واجهت الحكومة الإسرائيليّة في الفترة التي تلت احتلالها لأراضٍ فلسطينيَّة في عام ألفٍ وتِسعِمِئةٍ وسبعةٍ وستِّين ميلاديًّا (1967م) الأسئلة الأربعة التي كانت حول مصير الأراضي، ومستقبل السكَّان في الضفَّة الغربيَّة وقطاع غزَّةَ، وكيفيَّة التسويق لهذا التغيير أمام الشعب الإسرائيليّ. وتمَّت مناقشة خيارات الحكومة بين الاحتفاظ بالأراضي وتقسيمها، وتنوعت النقاشات حول مصير السكَّان، حيث تمَّ التفكير في إمكانيَّة الطرد أو منحهم الجنسيَّة.
وتمَّ التأكيد على تحفُّظ الحكومة تُجاه الطرد الجماعيِّ، لكنَّها استخدمت سياساتِ تشجيع وعقوبة للتأكيد على طاعة الفلسطينيِّين تُجاه السلطة الإسرائيليّة. ويبرز النصُّ الإستراتيجيَّات التي اعتمدتها إسرائيل لتحقيق أهدافها بعد الاحتلال، وكيفيَّة التعامل مع الأوضاع الجديدة بشكلٍ متنوِّع، مع التأكيد على السعي لتسويق هذه الأوضاع بشكلٍ فعَّال أمام الجمهور الإسرائيليّ.
تقريرُ مستقبلِ الأراضي والقدسِ
بدأت النقاشات بالاتِّفاق حول تحديد حدود إسرائيل الأمنيَّة عند نهر الأردن، وتجدَّدت المناقشات بشأن تضمين غور الأردن في إسرائيل. وتركَّزت النقاشات على مصير الأراضي المحتلَّة وقضيَّة قطاع غزَّة. وأكدَّت الحكومة استثناء الضفَّة الغربيَّة وقطاع غزَّة من أيَّة مفاوضات مستقبليَّة. وطُرحت فكرة الاحتفاظ بنهر الأردن كحدود مستقبليَّة لإسرائيل، ممَّا أثار قلقًا حول دولة ثنائيَّة القوميَّة.
وأظهر النصُّ استعداد إسرائيل للانسحاب مقابل السلام، وتحدَّث بلغتين متناقضتين عن الضفَّة الغربيَّة وقطاع غزَّة. وقد عَدَّت حكومة الاحتلال عام ألفٍ وتِسعِمِئةٍ وسبعةٍ وستِّين ميلاديًّا (1967م) فرصةً تاريخيَّةً لتوسيع حدود الدولة. وأدَّى توسيع الحكم الذاتيّ إلى تركيبة سياسيَّة جديدة، وأثَّرت التطوُّرات المحلِّيَّة؛ مثل تشكيل حزب العمل الجديد، في تعزيز الإجماع على فرصة التوسُّع. لم يُتَّخَذ القرارُ النهائيُّ حول مصير الشعب الفلسطينيّ، وأظهرت النقاشات ترك الحكم الذاتيّ كخيار. ويُشير النصُّ إلى أنَّ الفكرة في البداية استبعدت طرد السكَّان وأنَّ قضية الضفَّة الغربيَّة لم تُعرَض كاملةً على إسرائيل.
تمثيليَّةُ الجَدَلِ العامِّ
وقد تزايد الجدل حول مستقبل الأراضي المحتلَّة بعد تحرُّك القوَّات الإسرائيليّة نحو الأراضي الفلسطينيَّة وتنوَّعت الآراء بين مؤيِّد وحذِرٍ من الانسحاب؛ بين الداعين إلى ضمِّ الأراضي والذين يطالبون بالانسحاب مقابل تحقيق السلام، وكان هناك توحُّدٌ في موقفِ السياسة والشارع حول قضيَّة القدس وتحييدها عن المفاوضات المستقبليَّة، ممَّا يشير أيضًا إلى أنَّ الرأيَ العامَّ الإسرائيليّ لم يؤثِّر كثيرًا في قرارات الحكومة بسبب اعتقادها برغبة الجمهور في تعزيز المكاسب العسكريّة لصالح إسرائيل وإيثاره ذلك على اقتراح مبادرة لتحقيق تسوية نهائيَّة بين إسرائيل والفلسطينيِّين، حيث تُعِدُّ الحكومة الإسرائيليّة المملكةَ الأردنيَّةَ الهاشميَّةَ هي الشريكَ الوحيدَّ المؤهَّل للتفاوض.
ورغم جدِّيَّة بعض المسؤولين تُجاه هذا الاقتراح؛ إلَّا أنَّ الحكومة لم تهتمَّ به، كما لم تهتمّ الحكومة بآراء الفلسطينيِّين حول هذه المبادرة، بينما عَدَّ معظم صنَّاعِ القرار الإسرائيليّين الأردن هو الشريكّ الوحيد المؤهَّل للتفاوض، وتظهر المنظمة التحريريَّة الفلسطينيَّة رفضها التامَّ لهذه المبادرة، ممَّا ساهم في فشلها. وكان من تأثير الانتفاضة الفلسطينيَّة في عام ألفٍ وتِسعِمِئةٍ وسبعةٍ وثمانين ميلاديًّا (1987م) لفتُ الانتباه العامّ نحو حياة السكَّان في الأراضي المحتلَّة، وكيف أدَّت الانتصارات العسكريّة الإسرائيليّة في عام ألفٍ وتِسعِمِئةٍ وسبعةٍ وستِّين ميلاديًّا (1967م) إلى الشعور بالابتهاج والرضا في المجتمع الإسرائيليّ.