الفصل الخامس

أهل الكتاب

بعد أن فتح المسلمون فارس وشمال أفريقيا والهند وصولا إلى حدود الصين، كاد المسلمون أن يسيطروا على أوروبا مرات عدة، لكن في الواقع لم يحصل ذلك، وعلى الرغم من أن القرآن شدد على علاقة الإسلام بالتراث الديني السابق له، وهو تراث المسيحية واليهودية؛ إلا أنه نأى بالمجتمع الإسلامي عن أهل الكتاب حتى لا يخطئ أحد، ويحكم على الإسلام بأنه فرع لغيره من الأديان أو أنه هرطقة يهودية أو مسيحية.

وقد انتقد القرآن بشدة العقائد التي كانت سائدة بين مجتمعات أهل الكتاب، ومن ذلك استخدام اليهود والمسيحيين عبارة (ابن الله)، وينتقد القرآن بشكل خاص المسيحية لأنها اخترعت لنفسها مفهوم الثالوث المقدس، فالإيمان الصحيح من وجهة نظر الإسلام مبني على الاعتقاد بوحدانية الله تعالى، والنتيجة الطبيعية لهذه العقيدة هي وحدة الإنسان الأساسية.

والمسلمون يميلون أكثر نحو المسيحيين، وهي حقيقة قررها القرآن الكريم، وذلك لأن عداوة اليهود للمسلمين في المدينة كانت ظاهرة جدا، وما زالت عداوتهم تتمثل في قضية فلسطين. وبعض المنظمات اليهودية تجعل مسؤوليتها هي تذكير الناس دوما بالاضطهاد النازي لليهود، فإن معسكرات الموت قد بلغت أعماق نفوس اليهود وأثرت فيهم.

كان المواطنون اليهود والمسيحيون يتلقون معاملة طيبة وحسنة في ظل الشريعة الإسلامية، و أي اضطهاد يمس الأقليات كان أمرا غير مقبول، ولا تغفره السلطة. وكان هؤلاء اليهود الذين عاشوا في ظل الحكم الإسلامي بشكل عام، أحسن حالا من أولئك الذين كانوا يعيشون في ظل الحكومات المسيحية.

يتفق المؤرخون على أن أجداد الغالبية العظمى من العرب الفلسطينيين لم يقدموا إلى فلسطين مع الفتح الإسلامي بل إن هؤلاء هم بشكل رئيسي أبناء الساميين الذين تعود ملكيتهم لفلسطين منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد.

و كانت الصهيونية التي بدأت في القرن التاسع عشر حركة يهودية، هدفها إعادة تأسيس الأمة اليهودية، وإقامة دولة قومية لليهود في فلسطين. وكان وعد بلفور بمثابة التأسيس المعلن للدولة اليهودية في فلسطين؛ و الذي جاء فيه:

(إن حكومة صاحب الجلالة في بريطانيا تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل كل ما في وسعها لتسهيل تحقيق هذا الهدف).

وقد خاضت إسرائيل منذ ولادتها خمسة حروب رئيسة مع العرب، وأقحمت نفسها في صراعات، وتسببت في إشعال نار حروب أخرى كما فعلت في غزوها للبنان.

 

هل لليهود حق أخلاقي أو ديني في فلسطين؟

على الرغم من أن اليهود كانوا ضحية اضطهادات مروعة في الماضي، وخاصة في الحرب العالمية الثانية، إلا أن معاناتهم في الماضي لا تعطي لهم حق احتلال أراضي وممتلكات أمة أخرى. وأول شيء يجب أن نؤكد عليه أنه ليس جميع اليهود صهاينة، وليس جميع الصهاينة يهودا؛ فهناك صهاينة عرب وصهاينة من جنسيات أخرى كثيرة. والقرآن الكريم ينتقد أهل الكتاب ويصحح عقائدهم في مواضع كثيرة، ويبين أن مصيرهم بيد الله، ومن المؤكد أن بعض اليهود والمسيحيين بحسب ما جاء في القرآن هم كافرون، وأن بعض عقائدهم خاطئة.


الصراع من أجل الإيمان
الصراع من أجل الإيمان
جيفري لانغ
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00