ارتباط المؤمن بالقرآن الكريم مستمر دائمًا، لكونه جزءًا أساسيًا من الصلوات اليومية الخمس، لذلك يُعتبر القرآن الكريم عنصرًا جوهريًا في التجربة الدينية للمسلم.
وعلى الرغم من انتشار الإسلام في الغرب بسرعة كبيرة، إلا أنّ وجوده لازال شيئا غريبا بين الغربيين، والسبب أن عدد المثقفين و المفكرين المسلمين من أصول غربية، مثل محمد أسد، ومارتن لينغز، ومريم جميلة ما زال قليل جدا.
إنّ أسلوب القرآن في عرضه للقضايا الدينية، وإشارته للكتب والموازين، والثواب يوم القيامة، وإلى الصفقة الرابحة التي يفوز بها المؤمنون مع الله؛ كل ذلك كان له علاقة واضحة مع أسلوب الحياة التجارية في مكة، التي كانت مركز التجارة في الجزيرة العربية خلال حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. فعندما يُقارن القرآن ما بين حالة الكُفر بحالة الموت من العطش في الصحراء، وما بين حالة البعث والنشور وحالة عودة الحياة إلى الأرض القاحلة بعد المطر، فإنّه يكون بمقدورنا أن نتخيل كم كانت هذه الصور قريبة وحيوية لأولئك الذين سمعوها أولًا من شفاه النّبي صلى الله عليه وسلم.
كان الهدف الأول للإسلام هو إعادة إصلاح المجتمع العربي وليس تحطيمه، وكان هدف القرآن الكريم هو استبقاء ما كان نافعا ثم تعديله والبناء عليه. أما الوضع في المجتمع الغربي فهو على العكس تماما؛ لأن الدين لم يعد ضروريا عند الغربيين لشرح عملية الوجود.
يشرح القرآن الكريم ماذا يعني أن يصبح الإنسان مسلما، وماذا تعني له العقيدة، وماذا تفعل به. ويدعو القرآن إلى التأمل والتدبر في البراهين العقلية الدالة على قدرة الله مثل تكاثر الحيوانات، وحركة الأجرام السماوية والظواهر الكونية، فأحد الأصول و الثوابت القرآنية هو أهمية العقل والفكر التأملي، فمثلًا في القرآن الكريم يتكرر الفعل (عَقِلَ) حوالي خمسين مرة، والذي يعني ربط الأفكار بعضها ببعض والتعليل والفهم والمناقشة الذهنية.
إن أول آيات نزل بها جبريل عليه السلام من القرآن الكريم تدعو إلى البحث والقراءة، والإشارة في هذه الآيات إلى القلم إشارة رمزية، لانفراد الإنسان بقدرته على نقل أفكاره وخبراته من فرد إلى فرد ومن جيل إلى جيل، عبر الكتابة وطرق النقل الأخرى، التي تحافظ على التراكم المستمر للمعرفة البشرية. وعندما يقرأ المسلم القرآن باللغة العربية يشعر بالجمال الفائق والترابط والحكمة، وللأسف فغير المسلمين ممن لا يعرفون اللغة العربية عندما يقرؤونه ويقرؤون ترجماته، فإنهم لا يصل إليهم كل هذا الجمال.
القرآن الكريم يؤكد على أن بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هي تجديد وتتويج لبعثات كل نبي سبقه؛ حيث احتوى القرآن الكريم على قصص الأنبياء و الأمم السابقة.
دائمًا ما يزعم التصور الغربي المسيحي أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم كان منتحلا، قام بتلفيق الإسلام من مجموعة من التيارات الأيديولوجية والدينية المختلفة التي كانت موجودة في الجزيرة العربية، لكن هذا الزعم باطل، وأكبر دليل على ذلك أن القرآن الكريم يخلو من أي تناقضات. أيضا لا بد من الإشارة إلى أن القرآن الكريم ليس مجرد إعادة لأحداث وردت في الكتاب المقدس، فهناك اختلافات مهمة بينهما، ومن أمثلة ذلك رواية القرآن لقصة سليمان عليه السلام، و التي ترفض بشكل واضح الدعوات والاتهامات التي وردت في الانجيل .
وأحد أهم الاختلافات الحساسة بين السرد في القرآن والكتاب المقدس، هو أن القرآن يشير إلى أن المسيح لم يصلب قط؛ حيث يصحح القرآن الكريم عقائد المسيحيين.
أيضا هناك المكتشفات العلمية الحديثة التي أشار لها القرآن الكريم إشارات واضحة؛ فمنها بعض الظواهر الطبيعية، ومراحل نمو الجنين التي وصفها القرآن بدقة متناهية، فعلى الإنسان أن يقرّ بأن هناك إعجازا علميا في الوصف القرآني لتطور الإنسان، والاكتشافات الحديثة المؤخرة في علم الأجنة تساير آيات القرآن .
وعلى الرغم من أن القرآن الكريم في اللغة الأصلية له وهي اللغة العربية يكون أشد تأثيرا، إلا أن ترجمته بطريقة دقيقة تشع منها التقوى والإشراق، وتوضح وتبرز التصوير الفني للقرآن. كما أنّ آيات القرآن لا ترشدنا وحسب ولكنها تثبت خطانا وقراراتنا، وتفتح أمامنا الآفاق في التأمل في آيات الله.
إن القرآن الكريم يأمرنا أن نفكر بعين ناقدة في سلوكنا ومعتقداتنا، لكي نصل إلى الحقيقة ونسلم بها، وهذا هو أحد أهداف القرآن الكريم. إن قصة موسى والرجل الصالح في سورة الكهف تكشف لنا عن لغز سرمدي، وهو كيف يمكن لأشياء شريرة من حيث الظاهر أن تؤدي إلى خيرا كثيرا، ويعطينا الله من خلال هذه القصة درسا عميقا في الحكمة والعلم الواسع. إن القرآن وأقوال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تؤكد وجود مخلوقات وعوالم لا نستطيع إدراكها، فإن الغيب جزء أساسي من الإيمان في العقيدة الإسلامية.
والأعمال الصالحة هي سبب السعادة الدائمة التي تنجم عن الإيمان، وليس الالتزام بالشعائر الدينية الظاهرية هو السبب الوحيد في السعادة الأبدية والوصول للجنة؛ وإنما أيضا العلاقات الإنسانية التي تتسم بالإيمان الصادق والفعالية الاجتماعية من الإنسان تجاه أخيه الإنسان.
إن غاية الحياة هي أن نوطن أنفسنا على الفضيلة والحكمة والعدالة والرحمة والعفو والصلاح، وأن نهتم بالناس وأن نحبهم، وعلينا أن ندرب أنفسنا على الشفقة والصبر والكرم، وذلك من خلال كفاحنا وجهادنا في سبيل العيش.
يذكر القرآن ثلاثة مكونات جوهرية للإنسان:
إن إنكار وجود الله من الكبائر بل من أكبر الكبائر؛ لأن الشرك والكفر ظلم عظيم للإنسان، فلا يريد الله سبحانه وتعالى أن يجعل الإنسان يعيش ضالا وقد منحه العقل. أما بالنسبة للذنوب العادية، فقد جعل الله بإمكاننا أن ندرك أخطاءنا ثم نصلحها، حتى لا تكون روحانيتنا ساكنة دون حراك، فالخطأ وإدراك الخطأ ثم إصلاحه هي أمور حيوية لتطورنا ونمائنا.
وقد وجد جيفري لانج في التزامه بالصلاة عونا وراحة، على الرغم من أن صلاة الفجر كانت تسبب مشقة له، ولكنه عود نفسه عليها، فشعر بالراحة النفسية والاطمئنان القلبي . إن التدرب على الصلاة، ومغالبة النفس لترك النوم للقيام لصلاة الفجر، يمثل مصدر قوة كبيرة للإنسان لمواجهة مخاوفه، وللتحكم في ذاته. والمسلمون الجدد بعد أن تعودوا على شعائر الدين الإسلامي من الصلاة وغيرها، ذكروا أنها أصبحت المقابلة الروحية والعاطفية القوية جدا، التي يشعرون فيها بوجود الله، وبالحب والتعانق المقدس.
والمسلم لا ينظر إلى مسألة خضوعه لله على أنه قهر أو إهانة، بل هو يرى ذلك على أنه الطريق الوحيد للحرية الحقيقية، كي يصبح إنسانا بالمعنى الكامل للكلمة. أما الملحد فحياته بحث سقيم عن السعادة سعيا وراء أوهام فارغة، فليست هناك سعادة بعيدة عن الدين أو العقيدة الصحيحة.
هكذا خلق الله الإنسان، وهو سبحانه يعلم ما يصلح له وما لا يصلح.