كان موت النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للصحابة والأمة الإسلامية جميعا مصيبة كبرى وخبرا مفجعا، حيث لم يصدق عمر بن الخطاب خبر وفاته وأخرج سيفه وقال: "من قال إن محمدا قد مات ضربت عنقه بالسيف". كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو صمام الأمان للأمة الإسلامية في زمانه، والقائد والأب والأخ والزوج الرفيق والصاحب والمعلم والمؤدب والأسوة والقدوة؛ حيث يمثل كل شيء جميل في المجتمع.
كان الذين ينتمون إلى خلفية ثقافية يهودية مسيحية، يتوقعون أن كتاب المسلمين القرآن الكريم، سيكون في مجمله يتحدث عن محمد صلى الله عليه وسلم وعن الأمة الإسلامية، لكن توقعهم غير صحيح؛ فاسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم يرد في القرآن سوى أربع مرات فقط، في حين أن اسم المسيح قد ورد فيه أكثر من خمس وعشرين مرة، واسم موسى عليه السلام ورد مئة وستة وعشرين مرة، فالتصوير القرآني للرسل جميعا معتدل ووسطي بين الفهم اليهودي والفهم المسيحي، فهم مبرؤون من المعاصي العظيمة التي نُسبت إليهم في العهد القديم، وفي نفس الوقت هم لم يُرقوا إلى درجة الألوهية، كما هو حال المسيح في المسيحية وفي الأناجيل المختلفة.
يُقصد بكلمة السُنّة لغويا: الطريقة المعتادة، وتستخدم أيضا منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم (السنة النبوية)، ومعناها هنا: نمط حياة النّبي، ونموذج تصرفاته، وأقواله وأفعاله.
يُعد صحيح البخاري أصح الكتب بعد كتاب الله؛ فقد كان البخاري لا يقبل حديثا إلا إذا تأكد من أنه يوافق معايير الصحة الكاملة والموثوقية التامة. وفي علم الحديث يمكن تقسيم الأحاديث إلى ثلاث طبقات؛ الصحيح والحسن والضعيف، والضعيف ينقسم إلى المقطوع والمنقطع والمرسل والموضوع والمصحّف، إلى غير ذلك.
لقد تركت أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته أثرا عميقا في كل من عاصره، وفي تاريخ الإنسانية جمعاء، كما كانت أحاديثه مصدرا هاما لتفسير القرآن، ومع مرور الزمن، أراد المسلمون أن يتعرفوا على المواقف التي قضى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يأخذوها ويقيسوا عليها نظائرها ويسقطوا عليها أحكامها المناسبة.
كانت شخصية النبي فذة في جميع جوانبها الاجتماعية، والسياسية، والدينية، والأخلاقية، وكانت حياته نموذجا يقتدى به ومثالا للوسطية. وحينما رأى الصحابة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم الصفات النموذجية للقائد الذي يبقى على علاقات طيبة مع الأصدقاء والجيران، ويساعد الفقير، ويقري الضيف، ويعين المحتاج، وشهدوه رجلا ذا أمانة عظيمة، وصبر وشجاعة فائقة؛ تعلقت قلوبهم به، وأحبوه حبا شديدا، ومنحوه احتراما كبيرا.
