لا بد من الإشارة إلى أن سبب جميع الأمراض هو الجهل، وأن دواء الجهل سؤال العلماء، وهذا يعم أدواء القلب والروح والبدن وأدويتها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله».
القرآن شفاء
فهو شفاء للقلوب من داء الجهل والشك والريب، فلم ينزل الله سبحانه من السماء شفاء قط أعم ولا أنفع ولا أعظم ولا أنجع في إزالة الداء من القرآن. قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}، [سورة الإسراء: ٨٢].
الدعاء يدفع المكروه
فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه، وحصول المطلوب.
متى يتخلف أثر الدعاء؟
يحصل ذلك حين يكون دعاء لا يحبه الله؛ لما فيه من العدوان - وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله تعالى، وإما لحصول المانع من الإجابة: من أكل الحرام، والظلم، ورين (أي سيطرة) الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو، وغلبتها عليها.
دعاء الغافل
غافل القلب عن ربه ضعيف الاستجابة في الدعاء؛ لأن غفلة القلب عن الله تبطل قوته، وكذلك أكل الحرام يبطل قوته ويضعفها.
الدعاء من أنفع الأدوية
فهو عدو البلاء، يدفعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن. روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض».
وللدعاء مع البلاء ثلاثة مقامات:
الأول: أن يكون أقوى من البلاء فهو يدفع البلاء.
الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فحينها يقوى عليه البلاء، فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه، وإن كان ضعيفا.
الثالث: أن يقاوم أحدهما الآخر ويمنع كل واحد منهما صاحبه.
الإلحاح في الدعاء
من أنفع الأدوية الإلحاح في الدعاء؛ لأن الله تعالى يحب المؤمن اللحوح في الدعاء، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب الملحين في الدعاء».
من آفات الدعاء
أن يستعجل العبد، ويستبطئ الإجابة، وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا، فجعل يتعهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله.
جاء في البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي».
أوقات الإجابة
إجابة الدعاء لها حالات منها: حضور القلب بشكل كلي، مع مصادفة وقت من أوقات الإجابة الستة، وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة من ذلك اليوم، وآخر ساعة بعد العصر.
كيف تتحرى إجابة الدعاء؟
لتحصيل ذلك أسباب أهمها: خشوع القلب، والانكسار بين يدي الرب، والذل والتضرع والرقة حال مناجاته تعالى، واستقبال الداعي للقبلة، وكونه على طهارة، ورفع يديه إلى الله، وبدء الدعاء بحمد الله والثناء عليه، ثم يتبع ذلك بالصلاة على محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. ثم يقدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار. ثم يدخل على الله، ويلح عليه في المسألة، ويتملقه ويدعوه رغبة ورهبة، ويتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، ويقدم بين يدي دعائه صدقة، فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا.
شروط الدعاء المستجاب
والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه، لا بحده فقط، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به، والساعد ساعدا قويا، والمانع مفقودا؛ حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير، فإن كان الدعاء في نفسه غير صالح، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء، أو كان ثم مانع من الإجابة؛ لم يحصل الأثر.
فصل في الدعاء والقدر
الدعاء من أقوى الأسباب في رد القدر أو وقوعه، فلا يصح أن يقال: لا فائدة في الدعاء، فالدعاء من أنفع الأسباب وأبلغها في حصول المطلوب.
إن العبد يعرف أن المعصية والغفلة من الأسباب المضرة له في دنياه وآخرته، ولكن تغالطه نفسه بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة، وبالتسويف بالتوبة والاستغفار باللسان تارة أخرى.
والعبد إذا كان مسيئا مصرا على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه.
أخطاء يقع فيها كثير من الناس
الفرق بين حسن الظن والغرور
حسن الظن هو الرجاء، فمن كان رجاؤه هاديا له إلى الطاعة، زاجرا له عن المعصية، فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاء، ورجاؤه بطالة وتفريطا، فهو المغرور.
الرجاء والأماني
ومما ينبغي تقريره أن من رجا شيئا استلزم رجاؤه ثلاثة أمور:
الأول: محبة ما يرجوه.
الثاني: خوفه من فواته.
الثالث: سعيه في تحصيله بحسب الإمكان.
وأما رجاءٌ لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني، والرجاء شيء والأماني شيء آخر، فكل راجٍ خائف، والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير مخافة الفوات.