الفصل الرابع: ما لا يفسد الصوم

 ١- الحقن: الحقنة الشرجية مفطرة في القول الراجح، أما  الحقن الأخرى فقد اختلف الفقهاء في حكم صوم من استعملها على ثلاثة أقوال؛ الأول: أنها لا تفطر سواء كانت في العروق أو تحت الجلد، الثاني: أنها تفطر لأنها تصل إلى الجوف، الثالث: التفرقة بين الحقن فما كان منها للغذاء أفطر، وما كان منها للعلاج فقط لا يفطر، والراجح أن الحقن التي تؤخذ في العرق أو العضل لا تفطر ؛ لأنها لا تدخل من منفذ طبيعي.

أما التقطير في باطن الإحليل، وهو مخرج البول من الذكر، واللبن من الثدي فلا يفطر عند الأحناف والحنابلة، خلافا للشافعية الذين قالوا بالفطر بالتقطير ولو لم يصل إلى المثانة، والحق أن ذلك لا يفطر، أما التقطير في قبل المرأة فإنه يفسد صومها إجماعا.

 ٢- الحجامة: وهي أخذ الدم الفاسد من الجسم، فقد اختلف الفقهاء في حكم من احتجم وهو صائم، فالأول لجمهور الفقهاء الأحناف والشافعية والمالكية قالوا: إن من احتجم وهو صائم فصومه صحيح، والثاني للحنابلة، أن الحجامة تفطر كلا من الحاجم والمحجوم، والراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن الحجامة لا تفطر، وذلك استنادا لعدة أدلة؛ نذكر منها: عن عكرمة بن عباس أن النبي ﷺ"  احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم"، رواه أحمد والبخاري.

3 - الفصد والرعاف: الفصد هو قطع العرق لإخراج الدم، وحكم الصوم فيه للجمهور، الأحناف والمالكية والشافعية وفريق من الحنابلة، أن الفصد لا يفطر الصائم، وأما جمهور الحنابلة فقالوا: إن الفصد يفطر الصائم. والراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الفصد لا يفطر. أما الرعاف: فهو الدم الخارج من الأنف، وإذا خرج بدون سبب فلا يفطر بدون خلاف، أما إن خرج بسبب فذهب الجمهور، الأحناف والمالكية والشافعية وفريق من الحنابلة إلى أنه لا يفطر، وجمهور الحنابلة قالوا إنه مفطر، والراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الرعاف لا يفطر به الصائم.

4 - نقل الدم من إنسان إلى آخر: وللفقهاء فيه قولان، قول يذهب إلى أنه غير مفطر وهو قول الجمهور، وقول يذهب إلى أنه مفطر وهو قول جمهور الحنابلة، ورجحنا القول بعدم الفطر فيه.

5 - الجائفة: وهي الجرح الذي يصل إلى الجوف ثم يعالج المريض منه، وجمهور الفقهاء من الأحناف والشافعية والحنابلة قالوا: إن الصائم لو داوى الجائفة أو المأمومة فوصل إلى جوفه، فسد صومه وعليه القضاء، ولكن الأحناف فرقوا بين الدواء الرطب فهو يفطر به، وأما الدواء اليابس فإنه غالبا لا يصل إلى الجوف، أما المالكية فقالوا: إن مداواة المأمومة والجائفة لا يفطر به الصائم، وهذا هو الراجح.

6 - الكحل والقطرة: الكحل، هو ما يكتحل به الإنسان في العين، فالأحناف والشافعية قالوا إن الكحل لا يفطر الصائم، أما المالكية والحنابلة فقالوا: إن الكحل يفطر الصائم إذا وجد طعمه في حلقة، والراجح رأي الأحناف والشافعية، وأن الكحل لا يفطر الصائم. أما القطرة، فجمهور الفقهاء قالوا إنها تفطر، أما المالكية قالوا إنها لا تفطر إلا إذا وصلت إلى الجوف أو الحلق، والراجح أن القطرة لا تفطر.

7 - الجنابة: من أصبح جنبا من جماع أو غيره فقد ذهب الفقهاء إلى أن صومه صحيح؛ لحديث عائشة وأم سلمة أن النبي ﷺ (كان يصبح جنبا من جماع من غير احتلام ثم يصوم في رمضان) متفق عليه، إلا أنه ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه ما يخالف ذلك، والراجح قول الجمهور بأن من أصبح جنبا من جماع وغيره فإن ذلك لا يفسد صومه، وكذلك المحتلم أثناء النهار، أما لو كان من نوى الصوم عند طلوع الفجر مجامعا فنزع في الحال، فصومه صحيح بشرط أن يقصد النزع، ولو مكث بدون نزع بطل صومه وعليه القضاء والكفارة، لأن النزع هو ترك للجماع.

8 - نزول الماء والانغماس فيه، لا يفطر الصائم.

9 - ما لا يمكن التحرز منه لا يفطر الصائم كالغبار الذي يدخل حلقه من الطريق.

10 - من أكل وشرب ظانا غروب الشمس: من أكل ظنا أن الشمس غربت فبان أنها لم تغرب، يكون قد أفطر ذلك اليوم وعليه القضاء، وهذا هو الراجح؛ لأن هناك نصوصا صريحة في ذلك ومنها، حديث هشام بن عروة عن أسماء قالت: "أفطرنا على عهد رسول الله ﷺ في يوم غيم ثم طلعت الشمس، قيل لهشام أمروا بالقضاء قال : لا بد من قضاء" رواه البخاري، لكن لو شك في طلوع الفجر، فأكل أو شرب ، فصومه صحيح في الراجح، خلافا للمالكية القائلين بفساد الصوم، أما لو شك في غروب الشمس وتناول مفطرا، فصومه باطل؛ لأن الأصل بقاء النهار الذي يجب فيه الإمساك، وذلك بناء على قاعدة شرعية هي: (اليقين لا يزول بالشك).

 


أحكام الصوم والاعتكاف
أحكام الصوم والاعتكاف
أبو سريع محمد عبد الهادي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00