الفصل الثاني: رؤية الهلال

يثبت دخول شهر رمضان برؤية الهلال، وقد اختلف الفقهاء في عدد الشهود لرؤية الهلال؛ فجمهور الفقهاء من الأحناف والشافعية في أحد قولين لهم والحنابلة قالوا: تقبل شهادة الواحد، والمالكية والشافعية قالوا: لا بد من شهادة اثنين، والراجح جواز شهادة الواحد في هلال رمضان، وقد اختلف العلماء كذلك في ثبوت أول شوال؛ فقال الجمهور: لا يكفي الواحد في رؤية هلال شوال، وحكي عن أبي ثور أنه يكفي الواحد العدل في رؤيته، والراجح ما ذهب إليه الجمهور؛ لأن قبول شهادة الواحد في بداية الصوم كان احتياطا للعبادة.

يوم الغيم والشك، وقد اختلف الفقهاء في المراد بقوله ﷺ: "فإن غم عليكم فاقدروا له"؛ فرأى الحنابلة أنه إذا لم ير هلال أول رمضان مع صحو ليلة الثلاثين من شعبان كره الصوم؛ لأنه يكون يوم شك، أما إن حال دون رؤية الهلال غيم فمذهبهم وجوب الصوم احتياطا، أما جمهور الفقهاء غير الحنابلة فقالوا: إذا لم ير الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وكان الجو صحوا أو غيما؛ وجب إكمال شعبان. واختلف الفقهاء في حكم صوم يوم الشك؛ فالمالكية والشافعية وأبو حنيفة، يرون منع صوم يوم الشك؛ وذهب بعض الصحابة مثل علي وعائشة وغيرهم، وبعض التابعين، إلى صوم يوم الشك، ورأى الحنابلة أنه يجب صومه.

وللمانعين من صوم يوم الشك أدلة نذكر منها:

عن عمار بن ياسر قال: "من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم محمدا ﷺ"، رواه الخمسة إلا أحمد، وصححه الترمذي، أما أدلة المجوزين لصوم يوم الشك فنذكر منها: أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أم سلمة: " أن النبي  ﷺ كان يصومه".

حكم من رأى الهلال وحده:

الراجح فيه هو ثبوت رمضان؛ لأنه قد ورد فيه نص، أما حكم رؤية الهلال في بقية البلاد إذا رآه أهل البلد، فالراجح فيه ما ذهب إليه المالكية وهو الرواية الراجحة عند الحنابلة؛ أن رؤية الهلال في بلد تلزم كل البلاد؛ لأن حديث: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" هو خطاب عام لكل المسلمين.

الفصل الثالث: أركان الصيام

للصيام أركان ثلاثة:

الركن الأول: النية، لقوله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وقد اختلف العلماء في حكم  تبييت النية، فيرى جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وجوب تبييت النية ليلا لكل صوم واجب؛ لأنها عبادة تحتاج إلى النية، وأن هذه النية لا بد أن  تكون كل ليلة، وهذا هو قول الجمهور، وكذلك يشترط التعيين بأنه من رمضان أداء أو قضاء أو كفارة؛ لأنها عبادة مضافة إلى وقت فوجب التعيين في نيتها، وهذا التعيين يشترط في الفرض ولا يشترط في النفل؛  إذا فالراجح هو رأي الجمهور، وأن الصوم لا بد له من النية، ومن نقض نية الصوم بنية ضده وهو الإفطار بطل صومه لبطلان شرطه وهو النية، واختلف الفقهاء في حكم النية في صيام النفل، لكن الراجح ما ذهب إليه الأحناف والشافعية، وهو جواز النية في النفل بالنهار قبل الزوال؛ وذلك لأن الرسول ﷺ أمر الصحابة أن يصوموا عاشوراء في أثنائه. أما عن حكم قطع النية أثناء الصوم، فلا يجوز قطع النية في صوم الفرض إلا لعذر، أما قطعها في صوم النفل فإنه يجوز.

والركن الثاني: الإمساك عن جميع المفطرات من الفجر إلى غروب الشمس.

والركن الثالث: الصائم، هو المسلم البالغ العاقل القادر على الصوم.


أحكام الصوم والاعتكاف
أحكام الصوم والاعتكاف
أبو سريع محمد عبد الهادي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00