الفصل الأول: ما يفسد الصوم ويوجب القضاء فقط
1- الأكل والشرب عمدا، وقد أجمعت الأمة على أن من أكل أو شرب عمدا فإن صومه يكون فاسدا، أما من أكل أو شرب ناسيا؛ فالجمهور يرى أن يتم صومه؛ لأن هذا رزق قد ساقه الله إليه.
2- الحيض والنفاس، وهي من المفطرات التي توجب القضاء فقط، ولو في اللحظة الأخيرة قبل الغروب.
3- المباشرة فيما دون الفرج، إن باشر الرجل زوجته فيما دون الفرج فأنزل، فالراجح عند الجمهور أنه يجب فيها القضاء فقط، ولا كفارة فيها.
4- الاستمناء، يفسد الصوم إذا أنزل المستمني، أما إذا لم ينزل أو خرج المني بدون سبب كالاحتلام فلا يفطر بذلك.
5- الإنزال بسبب تكرار النظر: الراجح ما ذهب إليه الحنابلة ومن وافقهم من المالكية أن الصائم إذا كرر النظر فأنزل بسبب ذلك كان عليه القضاء فقط؛ لأنه فعل شيئا يمكنه التحرز منه، أما التفكير فإنه لا يفطر؛ لأنه لا يمكن التحرز منه.
6- القيء عمدا: ذهب الجمهور إلى أن القيء يفطر الصائم إذا كان عمدا، وعليه القضاء، وبعدم فطر من غلبه القيء.
7- السعوط: هو ما يستنشق بالأنف، وذهب الجمهور إلى أنه مفطر للصائم سواء وصل إلى الحلق أو الدماغ أو الجوف؛ لأنه أوصله باختياره. أما ما يمكن التحرز منه كالغبار أو شم ما لا يقصد، فإن ذلك لا يفطر.
8- الجنون: وهو مفطر للصائم، ولا قضاء عليه؛ لأن القلم مرفوع عنه.
9- تناول ما لا يتغذى به من المنفذ الطبيعي إلى الجوف، مثل الملح والعلك المتحلل الذي يصل إلى الجوف، فإنه يفطر وعليه القضاء.
10- الحقنة الشرجية، وهي دخول شيء من الدواء في الدبر، وهي مفطرة، ويجب القضاء.
11- الردة، والعياذ بالله: إذا ارتد الصائم عن الإسلام فسد صومه بالإجماع، إلا إذا تاب توبة نصوحا.
الفصل الثاني: من يرخص لهم في الفطر وعليهم القضاء
المسافر سفرا طويلا له أن يفطر وعليه القضاء، ولكن الصوم في السفر أفضل من الفطر، وهذا ما ذهب إليه الجمهور إلا لمن لحقته مشقة شديدة، ومع هذا فإن الصوم يجوز لمن سافر سفرا طويلا ولو لم يجد مشقة في سفره؛ لأن الرخصة قائمة لعموم الأدلة كقوله تعالى: ﴿ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر﴾ [ البقرة: 184]، والسفر الذي يبيح الفطر يكون مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا، وعند الشافعية هو مسيرة يوم وليلة، أما من نوى الصوم ليلا ثم شرع في السفر فالجمهور على أنه يجوز له أن يفطر، بشرط أن يكون! قد نوى الصوم في السفر.
أما بالنسبة لفطر المريض، فالمريض الذي لا يرجى برؤه له أن يفطر وعليه الفدية، أما المريض الذي يرجى برؤه وكان الصوم يضره فإن له أن يفطر وعليه القضاء، وقضاء رمضان يكون للذي أفطر بعذر كمرض أو سفر، بشرط ألا يتأخر قضاء ما عليه إلى رمضان التالي إلا بعذر، أما إن أخره بدون عذر فعليه القضاء والفدية.
حكم صيام النذر عن الميت: من مات وعليه صيام من رمضان فإنه يطعم عنه وليه عن كل يوم مسكينا، أما من نذر صوم أيام ومات قبل أن يقضيها، فقد اختلف العلماء فيه؛ فمنهم من يجوز للولي أن يصوم عمن مات وعليه أيام نذر، ومنهم من يرى أنه لا يصام عن الميت مطلقا، وإنما يطعم عنه لكل يوم مسكينا، والراجح هو رأي الحنابلة في أنه يجوز للولي أن يصوم عن الميت؛ وذلك لقوة ما استندوا إليه من أدلة، ومنها حديث عائشة أن رسول الله ﷺ قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه".
الفصل الثالث: ما يفسد الصوم ويوجب القضاء والكفارة
المبحث الأول: ما يوجب القضاء والكفارة:
الجماع في نهار الصوم إذا كان متعمدا ففيه القضاء والكفارة؛ لقوله تعالى: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن...﴾ الآية [البقرة: 187]، فقد أباح الله الجماع ليالي الصوم حتى يتبين الفجر ثم أمر بالصوم إلى الليل، فدل ذلك على أنه لا يجوز الجماع في نهار الصوم، أما الجماع مع النسيان فاختلف فيه الفقهاء، فالأحناف والشافعية قالوا: لا يجب قضاء ولا كفارة، أما المالكية فقالوا بأن عليه القضاء دون الكفارة، والراجح هو قول الأحناف والشافعية لقوة الأدلة كقوله صلى الله عليه وسلم ":من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة".
أما حكم الكفارة على المرأة فالأحناف والمالكية قالوا: يلزمها الكفارة مع القضاء، أما الشافعية فقالوا: لا تجب عليها الكفارة ،وهناك قول ثالث وهو أنه تجب على الرجل والمرأة كفارة واحدة، وهو الرأي الأرجح، وأما إكراه المرأة على الجماع أثناء الصوم فاختلف فيه العلماء، والراجح هو ما ذهب إليه بعض الشافعية من أنه لا شيء عليها.
حكم ما إذا جامع مرتين في يوم واحد أو في يومين:
له أربع حالات:
الأولى: إذا جامع مرتين في نفس اليوم ولم يكفر عن الجماع الأول فعليه كفارة واحدة، والثانية: أما إذا جامع مرتين في يومين، وكفرعن الأول ثم جامع الثاني بعد الكفارة فعليه كفارة ثانية، والثالثة: إذا جامع في يوم وكفر عن هذا الجماع ثم جامع بعد الكفارة في نفس اليوم، فقول الجمهور أن عليه كفارة واحدة، والرابعة: أن من جامع في يومين ولم يكفر عن الأول، فالراجح أن عليه كفارتين؛ لكل يوم كفارة.
والكفارة الواجبة لفساد الصوم بالجماع في نهار رمضان هي :عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وقد اختلف الفقهاء في الكفارة وهل هي على الترتيب أم على التخيير، والراجح ما ذهب إليه الجمهور من أن كفارة الوطء في نهار رمضان تكون على الترتيب؛ لقوة ما استندوا إليه في ذلك من السنة الصحيحة.
أما من عجز عن الكفارة، فالراجح أنها تسقط بالإعسار ولا يقضيها إذا أيسر؛ لأنها حق من حقوق الله تعالى، وحقوق الله مبنية على المسامحة.
المبحث الثاني :من يرخص لهم في الفطر وعليهم الفدية:
أولا: إذا عجز الشيخ الكبير والمرأة العجوز وفي معناهما المريض الذي لا يرجى برؤه عن الصوم، أو كانوا يجدون مشقة جاز لهم الفطر في نهار رمضان ووجه الاستدلال قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، ولكن العلماء اختلفوا على الفدية، والراجح ما ذهب إليه الجمهور من وجوب الفدية لقوله تعالى:﴿وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين﴾ [البقرة: 184].
ثانيا: الحامل والمرضع، إذا خافتا على أنفسهما فقط أو على أنفسهما مع الولد رخص لهما أن تفطرا وعليهما القضاء باتفاق الفقهاء، واختلف الفقهاء إن خافتا على ولديهما فقط ، والراجح ما ذهب إليه ابن عمر وابن عباس وسعيد بن جبير، أنه يجوز لهما في هذه الحالة أن تفطرا وعليهما الفدية، وذلك لقوة الأدلة التي استندوا إليها.
أما عن مقدار ما يعطى لكل مسكين في الكفارة أو الفدية، فقد اختلف الفقهاء فيه على ثلاثة أقوال؛ الأول للأحناف قالوا يطعم عن كل يوم مسكين نصف صاع من البر، أو صاعا من التمر وغيره، والثاني للمالكية والشافعية قالوا إنه يكفي عن كل يوم مد من قوت البلد، وهو القول الراجح ،أما الثالث فهو للحنابلة وقالوا: يكفي لكل مسكين مد من البر أو نصف صاع من غيره.