أصبحت تكنولوجيا المعلومات مهيمنة لدرجة أنها أصبحت مرادفة لكلمة تكنولوجيا. وتستمر الحواسيب في النمو بقوة، حيث استحوذت على العديد من الوظائف التي كان البشر يؤدونها سابقًا. ويتوقع البعض أن تتسارع هذه العملية، وأن تستمر الحواسيب في الاستيلاء على المزيد والمزيد من الوظائف البشرية.
يخشى الناس من أن تحل الحواسيب محل البشر، وأن عمليةً جديدة تُحاكي عملية العولمة، تَحْدُث الآن. وكما فُقدت وظائف العمال في دول أخرى، ستُفقد الآن لصالح الحواسيب.
مع ذلك، لا داعي للقلق من حدوث ذلك. فبينما لا يختلف الناس في جزء من العالم اختلافًا كبيرًا عن الناس في جزء آخر، تختلف أجهزة الكمبيوتر اختلافًا كبيرًا عن البشر. فهي لا تتطلب نفس المتطلبات، بل تختلف قدراتها. فالمهارات التي يجيدها البشر تختلف عن تلك التي تجيدها أجهزة الكمبيوتر. فالبشر قادرون على اتخاذ قرارات معقدة، بينما تجيد أجهزة الكمبيوتر معالجة كميات هائلة من البيانات.
الحواسيب ما هي إلا أدوات. التطورات التكنولوجية الكبيرة في المستقبل سَتَحْدُث في الحواسيب التي تُكمّل البشر، لا أن تحل محلهم. لا ينبغي أن نخشى أن تحل الحواسيب محلنا.
يمكن للبشر وأجهزة الكمبيوتر مجتمعةً إنجاز المهام بشكل أفضل مما يمكن لأيٍّ منهما إنجازه بمفرده.
في Pay Pal طوّروا نظامًا للكشف عن احتيال بطاقات الائتمان، يتضمن خوارزميات تُشير إلى المعاملات المشبوهة، والتي يُراجعها بعد ذلك مُشغّلون بَشَريون. وهذا يُظْهِر كيف يُمكن أن تُكَمِّل قدرات أجهزة الكمبيوتر والبَشَر بعضها بعضًا.
من خلال شَرِكَتي الناشئة Palantir Technologies، استطعتُ تطوير برنامجًا مشابهًا لبرنامج مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) لتحليل المعلومات من مصادر متعددة. لا تستطيع الحواسيب وحدها القيام بهذا النوع من العمل، ولا يستطيع البشر القيام به بمفردهم.
وهناك أمثلة كثيرة على كيفية مساعدة Palantir Technologies للمحققين الفيدراليين في كشف الإرهابيين، ومُحترفي المواد الإباحية للأطفال، وجميع أنواع المحتالين.
وهناك طرق عديدة لتسخير الحواسيب لمعالجة البيانات وتمكين الناس من التركيز على حل المشكلات المعقدة. ولا تزال هناك فرص عديدة تنتظر التطوير للاستفادة من هذا التَزامُن.
لقد تعلّم مهندسو البرمجيات ابتكار طرقٍ تُمكّن الحواسيب من أداء وظائف البشر. لكن الحواسيب لا تستطيع تعلّم كل شيء. الأمر لا يقتصر على تزويدها ببياناتٍ كافية. فيُمكن تزويد الحواسيب بالمزيد والمزيد من البيانات، لكن هذا لا يجعلها أذكى. فلا يُمكنها مُقارنة التحليل البشري.
الذكاء الاصطناعي مثيرٌ للاهتمام بلا شك، ويتطور يومًا بعد يوم، لكنه لا يزال بعيدًا عن القدرة على إجراء تحليلاتٍ مُعقّدة. وإذا جاء اليوم الذي سيتمكن فيه من القيام بذلك، فسيكون ذلك في المستقبل البعيد.
