الفصل الثاني: تاريخ الانترنت

في نوفمبر عام 1993، تم إطلاق متصفح "Mosaic" رسميًا، مما منح المستخدمين العاديين طريقة للوصول إلى الإنترنت.

تطور Mosaic ليصبح Netscape، التي أَطْلَقَت متصفح Navigator في أواخر عام 1994. اكتسب Navigator شعبية بسرعة، حيث زادت حصته في السوق من عشرين بالمئة في يناير عام 1995، إلى حوالي ثمانين بالمئة خلال أقل من عام، مما سَمَحَ لـ Netscape بطرح أسهمها للاكتتاب العام في أغسطس عام 1995، رغم أنها لم تكن تحقق أرباحًا بعد.

خلال خمسة أشهر فقط، قفزت قيمة سهم Netscape من ثمانية وعشرين دولارًا إلى مائة وأربعة وسبعين دولارًا.

ثم ازدهرت شركات تكنولوجية أخرى أيضًا، مثل Yahoo وAmazon. وبحلول ربيع عام 1998، تضاعفت قيمة أسهم كلتا الشركتين أكثر من أربع مرات.

ورغم أن البعض تساءل عن الأرباح والعائدات المبالَغ فيها مقارنة بالشركات التقليدية، بدا واضحًا أن السوق دخل في حالة جنون.

وفي هذا السياق، أصبح الإنترنت ملاذًا للأمل في وقت لم يكن فيه الاقتصاد التقليدي قادرًا على التعامل مع تحديات العولمة، وأصبح هو الخيار الوحيد للمضي قدمًا.

 

جنون ما بين سبتمبر عام 1998 إلى مارِس عام 2000

كانت فقاعة"دوت كوم" قصيرة ولكنها شديدة الجنون.

كان هناك ثمانية عشر شهرًا من الجنون المطلق بين سبتمبر عام 1998 ومارِس عام 2000، وهو ما كان بمثابة اندفاع الذهب في وادي السيليكون، فالمال كان متوفرًا في كل مكان، ومعه وفرة من الأشخاص المتحمسين.

ففي كل أسبوع، كانت العشرات من الشركات الناشئة الجديدة تتنافس على تنظيم أضخم حفلات الافتتاح. أما حفلات النجاح الفعلي، فقد كانت نادرة جدًا.

أصبح أصحاب الملايين ينفقون الآلاف على عشاء فاخر، ويحاولون الدفع بأسهم شركاتهم الناشئة—وفي بعض الأحيان، كان ذلك ينجح.

تركت جحافلُ من الناس وظائفها ذات الرواتب الجيدة لتؤسس أو تنضم إلى شركات ناشئة.

على سبيل المثال، كان هناك طالب دراسات عليا أعرفه، يبلغ من العمر أربعين عامًا، يدير ست شركات مختلفة في عام 1999>

عادةً ما يعتبر أن تكون طالب دراسات عليا في الأربعين أمرًا غريبًا، وعادةً ما يُعتبر إطلاق ست شركات في وقت واحد أمرًا مجنونًا. لكن في أواخر التسعينيات، كان الناس يؤمنون أن هذا المزيج قد يكون وصفة للنجاح.

كان ينبغي على الجميع أن يدرك أن هذا الجنون لن يستمر؛ إذ بدت أكثر الشركات "نجاحًا" وكأنها تتبنى نموذجًا تجاريًا عكسيًا حيث تخسر الأموال كلما نمت.

لكن من الصعب إلقاء اللوم على الناس لرقصهم بينما الموسيقى كانت تعزف؛ فعدم المنطقية بدا منطقيًا في وقت كان مجرد إضافة "دوت كوم" إلى اسم شركتك يمكن أن يضاعف قيمتها بين عشية وضحاها.

الدروس المستفادة:

تَعَلَّمَ رواد الأعمال أربعة دروس كبيرة من انهيار فقاعة دوت كوم التي ما زالت توجه التفكير التجاري اليوم، وهي:

1. التحركات التدريجية: الخطوات الصغيرة والتدريجية هي الطريق الآمن الوحيد للمضي قدمًا.

2. اِبْقَ مرنًا وصغير الحجم: يجب أن تكون جميع الشركات "صغيرة الحجم"، وأن تستمر في عمليات التجربة والتحسين المستمر.

3. تحسين المنافسة: لا تحاول إنشاء سوق جديدة، وإنما عليك بناء شركتك من خلال تحسين المنتجات المعروفة التي يقدمها المنافسون الناجحون.

4. التركيز على المنتج، وليس المبيعات: إذا كان منتَجَك يحتاج إلى إعلانات أو مندوبِي مبيعات لبيعه، فإنه ليس جيدًا بما يكفي. والإعلانات ما هي إلا مَضْيَعة للمال، لذلك، فإنّ النمو المستدام الوحيد هو النمو الفيروسي.


من صفر إلى واحد:  دليل الشركات الناشئة لصناعة المستقبل
من صفر إلى واحد: دليل الشركات الناشئة لصناعة المستقبل
بيتر ثيل
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00