1- الأشخاص المنضبطون

المفهوم الأول: المديرون التنفيذيون من المستوى الخامس

 

يشير مصطلح "المستوى الخامس" إلى المستوى الأعلى من التسلسل الهرمي المكون من خمسة مستويات للقيادة التنظيمية:

المستوى الخامس: المديرون التنفيذيون من المستوى الخامس، وهم من يبنون العظمة من خلال تطبيق مزيج من التواضع الشخصي والإرادة المِهَنية.

المستوى الرابع: القادة الفعّالون في الأعمال، وهم من يولّدون التزامًا مكثفًا وسعيًا حيويًا لتحقيق رؤية واضحة وجذابة.

المستوى الثالث: المديرون الأكفاء، وهم من ينظمون الأشخاص والموارد بكفاءة لتحقيق أهداف محددة مسبقًا.

المستوى الثاني: أعضاء الفريق المساهمون، وهم أصحاب القدرات الشخصية العالية، والذين يعملون على أهداف وغايات جماعية.

المستوى الأول: الأفراد ذوو القدرات العالية، وهم من يقدمون مساهمات ذات مغزى بناءً على المواهب والمعرفة والمهارات والعادات العملية الجيدة.

 

السمات الشخصية الرئيسية للقادة من المستوى الخامس هي:

• القادة من المستوى الخامس طَمُوحُون للغاية، ولكن طموحهم هذا يكون لنجاح مؤسستهم فقط، فهم لا يسمحون لأنانيتهم بالوقوف في طريقهم، وذلك لأنهم متواضعون بشأن ما يساهمون به من مجهودٍ بشكلٍ شخصي في الشركة.

• القادة من المستوى الخامس مدفوعون للنجاح بطبيعتهم، فهم يشعرون بحاجة ماسة إلى إنتاج نتائج استثنائية على أساس مستدام، بدلاً من أن تكون نتيجة لمعاملات تجارية فردية، حتى وإن كانت ضخمة.

• القادة من المستوى الخامس يبنون خلفاء لهم، وبالتالي فإن الجيل القادم من القادة سوف يحقق نجاحاً أعظم. (على النقيض من ذلك، فإن القادة من المستوى الرابع غالباً ما يجعلون خلفاءهم عرضة للفشل لكي يظهروا بمظهر جيد).

• القادة من المستوى الخامس يتقاسمون الثناء في الأوقات الجيدة ولكن يتحملون اللوم في الأوقات السيئة، وهو ما يجعل الأشخاص الذين يعملون معهم يصبحون مخلصين وملتزمين بشكل لا يصدق.

• القادة من المستوى الخامس لا يكونون أبداً من المشاهير في عالم الأعمال، حتى لا تكون جاذبيتهم المذهلة قادرة على هدم جهود الآخرين.

• يأتي القادة من المستوى الخامس من داخل المنظمة، لأن الالتزام ببناء شركة عظيمة ودائمة يأتي من الاجتهاد والعمل الجاد وليس من الأفعال التي تهدف إلى جذب الأنظار فحسب.

في المجمل، يتمتع القادة من المستوى الخامس بعزيمة قوية ومؤثرة للقيام بكل ما يلزم لجعل الشركة عظيمة.

ولتحقيق هذه الغاية، سيفعل قادة الأعمال هؤلاء أي شيءٍ وكل شيءٍ لتوليد نتائج ملموسة. وهذا الوضوح في الهدف يكون معديًا للجميع.

فكيف يمكن للمنظمة إذن تشجيع نمو قادة المستوى الخامس؟

يتم ذلك من خلال:

• البحث عن المواقف التي تم فيها تحقيق نتائج غير عادية، دون أن يتقدم أحد للمطالبة بالفضل، لأن هذا هو المكان الذي من المحتمل أن يكون فيه زعيم المستوى الخامس يعمل بهدوء بالفعل.

• البدأ بممارسة المفاهيم الأخرى المتعلقة بالتحول من الجيد إلى العظيم، لأن وضع هذه المفاهيم موضع التنفيذ يشجع عملية التطوير لقادة المستوى الخامس.

• تجنب إغراء النظر خارج المنظمة بحثًا عن قادة المستقبل، وبدلاً من ذلك القيام بالترويج من الداخل.

• المضي قُدَمًا على أساس أن القادة المحتملين من المستوى الخامس موجودون بالفعل في جميع أنحاء المنظمة، لذا يجب عليك تشجيع التطوير الشخصي والتوجيه وإتاحة فرص التعليم وما إلى ذلك.

 

المفهوم الثاني: أولاً "مَن"، ثم "ماذا"

إن النهج التقليدي لتنمية الشركات يمكن وصفه بأنه نموذج "العبقري الذي يستعين بألف مساعد". أي أنه يتم تعيين قائد ذكي يتمتع بالكاريزما لتحديد رؤية الشركة وترشيح الهدف الرئيسي لها، ثم يستعين بمساعدة المديرين لتحقيق هذه الرؤية.

وبعبارة أخرى، فإن النهج التقليدي يتلخص في طرح أسئلة "ماذا" قبل قرارات "مَن".

إن نقطة الضعف في هذا النهج هي أنه إذا حصل العبقري على عرض أفضل للذهاب إلى مكان آخر، فإن المنظمة بأكملها ستعاني. أما الشركات التي تتحول من جيدة إلى عظيمة فتتخذ نهجًا مختلفًا تمامًا. فهي تركز على إشراك الأشخاص المناسبين، وبمجرد القيام بذلك، يمكن لهؤلاء الأشخاص بعد ذلك أن يقرروا إلى أين يجب أن تتجه المنظمة بأكملها.

والنتيجة أنّ قرار "مَن" يأتي قبل كل قرار "ماذا"، قبل الرؤية، قبل الاستراتيجية، قبل التكتيكات، حتى قبل الهيكل التنظيمي.

وحرفيًا، تضع الشركات التي تنتقل من جيد إلى عظيم توظيف الأشخاص المناسبين، في المقام الأول.

هناك عدة فوائد أخرى لوضع قرار "مَن أولاً"، وهي:

• يصبح من الأسهل على الشركة تغيير اتجاهها للتكيف مع العالم المتغير، لأن الناس انضموا إلى الشركة في المقام الأول بسبب الأشخاص الذين يعملون معهم وليس بسبب ما يحصلون على فرصة القيام به.

• يختفي تحدي تحفيز الأشخاص وإدارتهم، لأن الأشخاص المناسبين سوف يكونون أكثر تحفيزًا برغبتهم في تحقيق إنجازات عظيمة والمشاركة فيها، ولن يحتاجوا إلى من يتولى إدارتهم، بل سوف يكونون متحمسين بشكل تلقائي.

• تتمتع الشركة بالقدرة على أن تصبح عظيمة، لأنه حتى لو اتجهتَ في الاتجاه الصحيح، وإذا كان الأشخاص الخطأ متورطين، فلن تحقق الشركة العَظَمةَ الحقيقية، فالأشخاص العظماء هم عنصر أساسي في تنفيذ استراتيجية عمل عظيمة.

هناك أيضًا ثلاث ممارسات عملية تطبقها الشركات الجيدة إلى العظيمة في اتخاذ قرارات صارمة بشأن الموظفين:

1. عندما تكون في شك، لا تقم بالتوظيف، فقط استمر في البحث.

فالشركات التي تتحول من جيدة إلى عظيمة لا ترغب في النمو إلا بالمعدل الذي تنجح به في اجتذاب الأشخاص المناسبين. وهي تعلم أن أي وقت يتجاوز فيه معدل نمو إيراداتها قدرتها على اجتذاب الأشخاص المناسبين، فإن الشركة تتجه نحو الرداءة وليس العظمة.

2- إذا كان من الواضح أن هناك حاجة إلى تغيير الموظفين، فعليك أن تتحرك بسرعة.

إن أفضل الموظفين لا يحتاجون أبداً إلى إدارة صارمة، فهم يعرفون غريزياً ما يجب القيام به دون مجموعات طويلة من التعليمات. لذلك، عندما تجد الشركات التي تتحول من جيدة إلى عظيمة أن أداء شخص ما أقل من المستوى المطلوب، فإنها تحاول أولاً أن تقرر ما إذا كان هذا الشخص أكثر ملاءمة في مكان آخر في الشركة، وإذا لم يكن كذلك، فإنها تطرده بسرعة وحسم.

3- ضع أفضل الأشخاص في أكبر الفرص، وليس في أكبر المشاكل.

إن إدارة المشاكل بكفاءة من شأنها أن تجعل الشركة جيدة، ولكن استغلال الفرص من شأنه أن يجعلها عظيمة. لذلك، تضع الشركات التي تنتقل من جيد إلى عظيم أفضل موظفيها في أفضل مكان، حيث يمكنهم توليد أكبر قدر من الفوائد. وإذا تم اتخاذ القرار بالتخلص من عمل يعاني من مشاكل، فإن الشركات العظيمة تتجنب الوقوع في موقف حيث تضع أفضل موظفيها جنبًا إلى جنب مع أضعف وَحَداتِ العمل لديها.

إن وضع قراراتِ مَنْ، قبل قراراتِ ماذا، لا يُعيق النقاش حول الاتجاه الذي يجب أن تسلكه الشركة، بل على العكس من ذلك، فإنه يحفز مستوى المناقشة والحوار لأن هناك أشخاصًا موهوبين للغاية سيشعرون بالشغف تجاه وجهات النظر المتباينة، فالنقاش القوي يضمن ظهور أفضل الإجابات.

والسمة المميزة لوجود فريق الإدارة المناسب في الشركات التي تنتقل من جيد إلى عظيم، هي أنه بمجرد اتخاذ القرار، يتحد الجميع وراءه، بغض النظر عن تفضيلاتهم أو مصالحهم الشخصية، وهو ما يؤدي بالتالي إلى إنجازات عظيمة.


من جيد إلى عظيم
من جيد إلى عظيم
جيم كولينز
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00