هل يمكن لشركة جيدة أن تصبح عظيمة؟
وإذا كان الأمر كذلك، كيف تَحْدُث عملية التحول هذه؟
للإجابة على هذا السؤال، تم تحليل نتائج التشغيل على مدى أربعين عامًا لـ ألف وأربعمائة وخمسٍ وثلاثين شركة قائمة. هذه الشركات، تم تحديد إحدى عشرة شركة منها ((مثل Abbott، Circuit City، Fannie Mae، Gillette، Kimberley-Clark، Kroger، Nucor، Philip Morris، Pitney Bowes، Walgreens،
و Wells Fargo، ،والتي حققت كل منها عائدات أسهم تراكمية تتجاوز أداء السوق العام بنحو سبعِِ مرات، على مدى فترة خمس عشرة سنة.
وهو ما يعني أنّ هذه الشركات أظهرت أنها حققت تحولًا مستداماً من كونها جيدة (أو متوسطة أو متواضعة) إلى عظيمة.
كيف أصبحت هذه الشركات الإحدى عشرة عظيمة، وهل يمكن تكرار هذه الدروس؟
الإجابة مذهلة في بساطتها، فلم تطلق أيًا من هذه الشركات برامج تغيير جذرية أو لافتة للنظر، ولم تَحْظَ بلحظة أشبه بالمعجزة، ولكنها بدلاً من ذلك، استخدمت برامج عملية وواقعية للالتزام بمعيار التميز الذي يقوم على ثلاثة عناصر:
1- الأشخاص المنضبطون: الحصول على الأشخاص المناسبين في العمل ومن ثَم الحفاظ على تركيزهم على التميز.
2- الفكر المنضبط: أن تكون صادقًا تمامًا بشأن الحقائق وتجنب الإغراء في الاهتمام بأفكار غير أساسية.
3- العمل المنضبط: إدراكُ ما هو مهم لتحقيقه وما ليس كذلك.
وبشكل عام، يمكن تقسيم هذه العناصر الثلاثة إلى ستة مفاهيم رئيسية تجسد عملية التحول من الجيد إلى العظيم:
1- المستوى الخامس للقيادة.
2- أولا مَن، ثم ماذا.
3- مواجهة الحقائق.
4- مفهوم القُنفُذ.
5- ثقافة الانضباط.
6- مُسرِّعَات التكنولوجيا.
لاحظ أن ما يُسمى بـتأثير عجلة الدفع يلعب دوراً مهماً أيضا، فتعمل المفاهيم الثلاثة الأولى على بناء قوة الدفع، بنفس الطريقة التي يتطلب فيها تحريك عجلة دفع ثقيلة، جهداً كبيراً في البداية.
تبدأ الشركات في بناء قوة الدفع بشكلٍ إيجابي، عندما تتوقف عن القيام بأشياءٍ غير مجدية وتستهلك الوقت والموارد الذهنية.
ويتطلب تحريك عجلة الدفع سنوات من الجهد المستمر، ولكن بمجرد أن تصل عجلة الدفع إلى سرعة كافية، فإنها تحافظ على الأداء الاستثنائي لفترة طويلة. هذه النتائج الأولية تحفز الناس وتمنحهم طاقة إضافية لمواصلة العمل، مما يضمن أن عجلة الدفع ستستمر في دفع التطور الإيجابي إلى الأمام لفترة طويلة.
المفهوم الأول: القيادة من المستوى الخامس
إن قادة الشركات العظيمة لا يكونوا في الغالب من الشخصيات البارزة أو المشاهير، بل إن الرؤساء التنفيذيين للشركات العظيمة من المرجح أن يكونوا قد جاءوا من داخل الشركة نفسَها، ويتميزون بشخصيات تجمع بين التواضع الشخصي والإرادة المهَنية القوية، وفي أغلب الأحيان، سوف يَعْزون نجاحهم إلى الحظ الجيد وليس إلى العظمة الشخصية.
المفهوم الثاني: أولاً مَن، ثم ماذا
إن مفتاح التحول من جيد إلى عظيم لا يكمن في تحديد الهدف الصحيح للشركة في البداية، بل يجب التركيز على إشراك الأشخاص المناسبين للعمل أولًا، وبعد ذلك سوف يحددون هم ما يجب أن يكون الهدف الأكثر أهمية للشركة. وكلما انضم المزيد من الأشخاص ذوي المبادرة والمهارات إلى الفريق، كان الأداء أفضل.
المفهوم الثالث: مواجهة الحقائق الواقعية
إن كل الشركات التي انتقلت من الجيد إلى العظيم، تواجه بكل وضوح الحقائق التنافسية في الأسواق التي تعمل فيها، وذلك دون أن تفقد إيمانها بأن الشركة قادرة في النهاية على النجاح، بل ويجب عليها أن تنجح. والصدق والصراحة يسمحان لهذه الشركات باتخاذ القرارات الصحيحة أثناء تقدمها إلى الأمام.
المفهوم الرابع: مفهوم القنفذ
إن القنافذ حيوانات بسيطة نسبيا، فهي لا تعرف سوى أمر واحد كبير وتلتزم به، وتفعل الشركات العظيمة شيئًا مُشابهًا، فهي تلتزم باستمرار بالقيام بما تجيده على أفضل وجه وتتجنب الانشغال بمجالات عمل جديدة بعيدة عن كفاءاتها الأساسية.
تتفوق هذه الشركات على منافسيها من خلال التركيز على المشاريع التي تتمتع بثلاث خصائص وهي:
1- ما يمكنها أن تكون الأفضل في العالم فيه.
2- ما الذي يحرك الربحية لنموذج أعمالها.
3- ما يثير شغف موظفوها بشدة.
المفهوم الخامس: ثقافة الانضباط
إن وجود أفرادٍ منضبطين يَلغي الحاجة إلى التسلسل الهرمي. وعلى نحو مماثل، فإن التفكير المنضبط يَلغي الحاجة إلى البيروقراطية، وهو ما يعني عدم وجود حاجة إلى ضوابط مُشدّدة على موظفي الشركة.
وتَجْمَعُ الشركات العظيمة بين ثقافة الانضباط وأخلاقيات ريادة الأعمال، كي تحقق أداءً رائعًا في السوق.
المفهوم السادس: مُسرِّعَات التكنولوجيا
إن الشركات التي تتحول من جيدة إلى عظيمة لا تنجرف وراء صيحات التكنولوجيا الجديدة، بل إنها تربط التكنولوجيا بمفهوم القنفذ، أي أنها لن تتبنى أية تكنولوجيا، إلا إذا كانت قادرة على تسريع أدائها في مجال تهتم به حقًا، وتؤديه وِفقاً للمعايير العالمية، ويُمكّنها من تحقيق أرباحٍ في نفس الوقت.
