• أخرج بن عساكر عن عاصم قال: جمع أبو بكر رضي الله عنه الناس وهو مريض فأمر من يحمله إلى المنبر، فكانت آخرَ خطبة خطب بها، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

"يا أيها الناس، إحذروا الدنيا ولا تثقوا بها (فإنها) غرَّارة، وآثروا الآخرة على الدنيا فأحبوها، فبحب كل واحدة منهما تبغض الأخرى؛ وإِن هذا الأمر الذي هو أملك بنا لا يصلح آخره إِلا بما صلح به أوله، فلا سيحمله إِلا أفضلكم مقدرة، وأملككم لنفسه، أشدكم في حال الشدة، وأسلسكم في حال اللين، وأعلمكم برأي ذوي الرأي، لا يتشاغل بما لا يعنيه، ولا يحزن بما لا ينزل به، ولا يستحيي من التعلم، لا يتحير عند البديهة، قوي على الأموال، ولا يخون بشيء منها حدّة بعدوان ولا يقصِّر، يرصد لما هو آتٍ، عتاده من الحذر والطاعة - وهو عمر بن الخطاب".  ثم نزل.

 

 

  • أخرج البخاري عن عروة أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد رضي الله عنه يستشفعونه. قال عروة: فلما كلّمه أسامة فيها تلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «أتكلّمني في حدَ من حدود الله تعالى؟» فقال أسامة؛ استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشيّ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: "أما بعد: فإنَّما هلك الناس (قبلكم) أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. والذي نفس محمد بيده لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". ثم أمر رسول الله بتلك المرأة، فقُطعت يدها، فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت.

 

 

  • عن الضحاك قال: رأى أبو بكر الصديق رضي الله عنه طيراً واقفاً على شجرة فقال: طوبى لكَ يا طير والله لوددتُ أني كنت مثلك، تقع على الشجر، وتأكل من الثمر، ثم تطير وليس عليك حساب ولا عذاب والله لوددت أنِّي كنت شجرة إلى جانب الطريق مرّ عليَّ جمل فأخذني، فأدخلني فاه، فلاكني ثم ازدردني، ثم أخرجني بعراً ولم أكُ بشراً.

 

 

  • عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: ما رأيت امرأتين أجود من عائشة وأسماء - رضي الله عنهما - وجودهما مختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء حتى إذا كان اجتمع عندها قسمت، أما أسماء فكانت لا تمسك شيئاً لغدٍ.

 

 

  • عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم، فإن استغنيتُ عففتُ عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف. وفي رواية أُخرى عنه قال: إِني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم، {وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (النساء: ٦).

 

 

  • عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ما وضعت لبنة على لبنة، ولا غرست نخلة منذ قُبض النبي صلى الله عليه وسلم.

 

 

  • عن مالك بن عمير رضي الله عنه - وكان قد أدرك الجاهلية - قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لقيت العدو ولقيت أبي فيهم، فسمعت لك منه مقالة قبيحة فلم أصبح حتى طعنته بالرمح - أو حتى قتلته -، فسكت عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء آخر فقال: إني لقيت أبي فتركته وأحبب أن يليه غيري، فسكت عنه.

 

 

  • عن حُصين بن وَحْوَح الأنصاري أن طلحة بن البراء رضي الله عنهما لما لقي النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يلصق برسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبّل قدميه. قال: يا رسول الله، مرني بما أحببت ولا أعصي لك أمراً. فعجب لذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام، فقال له عند ذلك: «اذهب فاقتل أباك» فخرج مولياً ليفعل، فدعاه فقال له: «أقبل فإني لم أبعث بقطيعة رحم». فمرض طلحة بعد ذلك فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده في الشتاء في برد وغيم. فلما انصرف قال لأهله: «لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به حتى أشهده وأصلِّي عليه وعجِّلوه». فلم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بني سالم بن عوف حتى توفي وجنَّ عليه الليل. فكان فيما قال طلحة: ادفنوني وألحقوني بربي عزَّ وجل، ولا تدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أخاف عليه اليهود أن يصاب في سببي. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم حين أصبح، فجاء حتى وقف على قبره، فصفّ الناس معه ثم رفع يديه فقال: «اللهمَّ ألقَ طلحة تضحك إليه ويضحك إليك».

 

 

  • عن أنس أنَّ أم أيمن - رضي الله عنها -بكت لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها: ما يبكيك على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني قد علمتُ أنَّ رسول الله سيموت، ولكني إنما أبكي على الوحي الذي رفع عنا.

 

  • عن أنس رضي الله عنه قال: لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشَّاه الكرب، فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكَرْب أبتاه فقال لها: «ليس على أبيك كرب بعد اليوم»، فلما مات قالت: وأبتاه، أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنةُ الفردوس مأواهُ. يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه. فلما دُفن قالت فاطمة: يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟

 

 

  • عن يزيد بن عبيد الله عن بعض أصحابه قال: رأى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رجلاً يضحك في جنازة فقال: أتضحك وأنت مع جنازة؟ والله لا أكلمك أبداً.

 

 

  • عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار لي من أصحابي أربعة: أبا بكرو عمر وعثمان وعلياً - رحمهم الله -، فجعلهم أصحاب، - وقال: في أصحابي كلِّهم خيرٌ -، واختار أمتي على الأمم، واختار من أمتي أربعة قرون: القرن الأول والثاني والثالث والرابع»

 

  • عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً فقال: «أنبئوني بأفضل أهل الإِيمان إيماناً؟» قالوا: يا رسول الله الملائكة، قال: «هم كذلك يحق لهم ذلك، وما يمنعهم من ذلك وقد أنزلهم الله بها؟» قالوا: يا رسول الله الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء، قال: «هم كذلك ويحق لهم، وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة؟ بل غيرهم» قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: «أقوام في أصلاب الرجال يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني، ويصدِّقوني ولم يرَوني، يجدون الورَق المعلق فيعملون بما فيه، فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيماناً».

 

 

  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس يصوم يوم وقال: «لا يُفطرنَّ أحد منكم حتى آذن له»، فصام الناس حتى إذا أمسَوا، فجعل الرجل يجيء فيقول: يا رسول الله إني ظللت صائماً فائذنْ لي فأفطر. فيأذن له، الرجل والرجل، حتى جاء رجل فقال: يا رسول الله فتاتان من أهل ظلتا صائمتين وإنهما تستحييان أن تأتياك فأذن لهما فلتُفطرا. فأعرض عنه. ثم عاوده فأعرض عنه، ثم عاوده فأعرض عنه، ثم عاوده فأعرض عنه. فقال: «إنهما تصوما وكيف صام من ظل هذا اليوم يأكل لحوم الناس؟ اذهب فمُرهما إن كانتا صائمتين فلتستقيئا» فرجع إليهما فأخبرهما استقاءتا، فقاءت كل واحدة علقة من دم. فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: «والذي نفسي بيده لو بقيتا في بطونهما لأكلتهما النار»

 

  • عن أبي صادق قال: قال عليّ رضي الله عنه: حَسَبي حَسَب رسول الله صلى الله عليه وسلم وديني دينه؛ فمن تناول مني شيئاً فإنما تناوله من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

 

  • عن أنس رضي الله عنه في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (سورة عبس، الآية: ١): جاء ابن أم مكتوم رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكلم أبي بن خَلف، فأعرض عنه، فأنزل الله عز وجل: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} {أَن جَآءهُ الاْعْمَى}، فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه. وعند أبي يعلى وابن جرير عن عائشة رضي الله عنها قالت: أُنزلت «عبس وتولى» في ابن أم مكتوم الأعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: أرشدني: قالت: وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظما المشركين، قالت: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يُعرضُ عنه ويقبل على الآخر ويقول: «أترى بما أقول بأساً؟» فيقول: لا، ففي هذا أُنزلت «عبس وتولى».

 

 

  • عن محمد بن جُبير أن عمر رضي الله عنه مرَّ على عثمان رضي الله عنه فسلَّم عليه ولم يردَّ عليه، فدخل على أبي بكر رضي الله عنه فاشتكى ذلك إليه، فقال أبو بكر: ما منعك أن ترد على أخيك؟ قال: والله ما سمعت وأنا أحدِّث نفسي، قال أبو بكر: فبماذا تحدِّث نفسك؟ قال: خلاف الشيطان، فجعل يُلْقي في نفسي أشياء ما أحب أنِّي تكلمت بها وإن لي ما على الأرض، قلت في نفسي حين ألقى الشيطان ذلك في نفسي: يا ليتني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينجينا من هذا الحديث الذي يُلقي الشيطان في أنفسنا، فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لقد اشتكيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألته: ما الذي ينجينا من هذا الحديث الذي يُلقي الشيطان في أنفسنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ينجيكم من ذلك أن تقولوا مثل الذي أمرت به عمي عند الموت".

حياة الصحابة - الجزء الثاني
حياة الصحابة - الجزء الثاني
محمد يوسف الكاندهلوي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00