أسرار الحجّ

 الفصل التمهيدي

 

فضيلة الحج

قال الله - عز وجل -: ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾  [الحج: 27].

وقال ﷺ: "من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".

وقال ﷺ في حكم الحاج أو المعتمر المتوفى: "من خرج من بيته حاجا أو معتمرا فمات أجري له أجر الحاج المعتمر إلى يوم القيامة".

فضيلة البيت الحرام ومكة المشرفة

في الخبر: "إن الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة، وإنه يبعث يوم القيامة له عينان ولسان ينطق به يشهد لكل من استلمه بحق وصدق".

وكان ﷺ يقبله كثيرا، وروي أنه ﷺ سجد عليه، وكذلك قبله وسجد عليه عمر بن الخطاب اتباعا لهدي رسول الله ﷺ.

وجاء في الأثر: إن الله - عز وجل - ينظر في كل ليلة إلى أهل الأرض فأول من ينظر إليه أهل الحرم، وأول من ينظر إليه من أهل الحرم أهل المسجد الحرام، فمن رآه طائفا غفر له، ومن رآه مصليا غفر له، ومن رآه قائما مستقبل الكعبة غفر له.

كراهية المقام بمكة حرسها الله تعالى والقلب معلق بمكان آخر

 على الرغم مما ورد في السنة وما هو معلوم من الآثار من فضل مكة والمقام بها إلا أن أهل الورع والاحتياط من العلماء قد كرهوا المقام بمكة لمعان ثلاثة:

الأول: خوف التبرم بطول المكث بها، وفقدان الأنس بالبيت.
الثاني: استحباب تهييج الشوق بالمفارقة لتنبعث داعية العود، قال بعضهم: تكون في بلد وقلبك مشتاق إلى مكة خير لك من أن تكون فيها وأنت متبرم بالمقام وقلبك في بلد آخر.
الثالث: الخوف من ركوب الخطايا والذنوب بها؛ فإن ذلك محظور.

فضيلة المدينة الشريفة على سائر البلاد

ليس بعد مكة بقعة أفضل من مدينة رسول الله ﷺ، فالأعمال فيها أيضا مضاعفة، قال ﷺ: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام".

وقال ﷺ: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى". وما سوى هذه البقاع الثلاث فالمواضع فيه متساوية لا فضل لبعضها على بعض، إلا الثغور (وهي مواطن الجهاد والدفاع عن الإسلام)؛ فإن المقام بها له فضل عظيم.


أسرار الحج
أسرار الحج
أبي حامد الغزالي
skip_next forward_10 play_circle replay_10 skip_previous
volume_up
0:00
0:00